﴿جهادا فِي سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إِلَيْهِم بالمودة وَأَنا أعلم بِمَا أخفيتم وَمَا أعلنتم وَمن يَفْعَله مِنْكُم فقد ضل سَوَاء السَّبِيل (١) إِن يثقفوكم يَكُونُوا لكم أَعدَاء ويبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لَو تكفرون (٢) قد كَانَت لكم﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَن تؤمنوا بِاللَّه ربكُم﴾ أَي: لأنكم آمنتم بِاللَّه ربكُم.
وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم خَرجْتُمْ جهادا فِي سبيلي﴾ قَالُوا: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَالْمعْنَى: إِن كُنْتُم خَرجْتُمْ جهادا فِي سبيلي وابتغاء مرضاتي فَلَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء. وَقيل مَعْنَاهُ: لَا تسروا إِلَيْهِم بالمودة إِن كُنْتُم خَرجْتُمْ جهادا فِي سبيلي وابتغاء مرضاتي، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿تسرون إِلَيْهِم بالمودة﴾ خبر بِمَعْنى النَّهْي.
وَقَوله: ﴿وَأَنا أعلم بِمَا أخفيتم وَمَا أعلنتم﴾ أَي: بِمَا أسررتم وَمَا ظهرتم.
وَقَوله: ﴿وَمن يَفْعَله مِنْكُم فقد ضل سَوَاء السَّبِيل﴾ أَي: أَخطَأ طَرِيق الْحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن يثقفوكم يَكُونُوا لكم أَعدَاء﴾ مَعْنَاهُ: إِن يظفروا بكم، وَالْعرب تَقول: فلَان ثقف لقف، إِذا كَانَ سريع الْأَخْذ.
وَقَوله: ﴿يَكُونُوا لكم أَعدَاء﴾ أيك يعاملونكم مُعَاملَة الْأَعْدَاء.
وَقَوله: ﴿ويبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم وألسنتهم بالسوء﴾ أَي: أَيْديهم بِالسَّيْفِ، وألسنتهم بالشتم.
وَقَوله: ﴿وودوا لَو تكفرون﴾ أَي: وأحبوا لَو تكفرون كَمَا كفرُوا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لن تنفعكم أَرْحَامكُم وَلَا أَوْلَادكُم﴾ يَعْنِي: أَنكُمْ فَعلْتُمْ مَا فَعلْتُمْ لأجل قراباتكم وأرحامكم، وَلنْ ينفعكم ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿يَوْم الْقِيَامَة يفصل بَيْنكُم﴾ أَي: يفصل بَيْنكُم يَوْم الْقِيَامَة؛ فيبعث أهل الطَّاعَة إِلَى الْجنَّة، وَأهل الْمعْصِيَة إِلَى النَّار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.