﴿الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين (٢) وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ﴾ لحيرة، وتعلمها أهل الْحيرَة من أهل الأنبار.
وَالْحكمَة فِي كَون الرَّسُول أُمِّيا انْتِفَاء التُّهْمَة عَنهُ فِي تعلم أَخْبَار الْأَوَّلين ودراستها من كتبهمْ. وَيُقَال: ليَكُون مُوَافقا لصفته فِي كتب الْأَوَّلين.
وَقَوله: ﴿يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته﴾ أَي: الْقُرْآن.
وَقَوله: ﴿وَيُعلمهُم الْكتاب﴾ أَي: كتاب الله. وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ الْخط بالقلم، فَإِن الْكِتَابَة كثرت فِي قُرَيْش وَسَائِر الْعَرَب بعد رَسُول الله، وَهَذَا مُوَافق لقَوْله تَعَالَى: ﴿علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم﴾.
وَقَوله: ﴿وَالْحكمَة﴾ أَي: السّنة. وَيُقَال: الْفِقْه فِي الدّين.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين﴾ أَي: فِي ضلال من الْحق بَين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَآخَرين مِنْهُم﴾ قَالَ الْأَزْهَرِي: هُوَ فِي مَوضِع الْخَفْض يَعْنِي: بعث فِي الْأُمِّيين وَفِي آخَرين.
وَقَوله: ﴿لما يلْحقُوا بهم﴾ أَي: لم يلْحقُوا بهم وسيلحقون. وَيُقَال فِي قَوْله: ﴿وَآخَرين﴾ أَي: يعلمهُمْ الْكتاب وَالْحكمَة، وَيعلم آخَرين، أوردهُ النقاش.
وَاخْتلفت الْأَقْوَال فِي المُرَاد بالآخرين من هم؟ قَالَ عِكْرِمَة: هم التابعون. وَقَالَ سعيد بن جُبَير: هم الْعَجم. (وَقَائِل) هَذَا القَوْل مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة " أَن النَّبِي قَرَأَ هَذِه الْآيَة وَأَشَارَ إِلَى سلمَان، وَقَالَ: لَو كَانَ الدّين مُعَلّقا بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من قوم