﴿فَإِن أَعرضُوا فَقل أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود (١٣) إِذْ جَاءَتْهُم الرُّسُل من بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم أَلا تعبدوا إِلَّا الله قَالُوا لَو شَاءَ رَبنَا لأنزل مَلَائِكَة فَإنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون (١٤) فَأَما عَاد فاستكبروا فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَقَالُوا من أَشد منا قُوَّة أَو لم يرَوا أَن الله الَّذِي خلقهمْ هُوَ أَشد مِنْهُم قُوَّة وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يجحدون (١٥) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن أَعرضُوا﴾ أَي: أَعرضُوا عَن الْإِيمَان بِمَا أنزلت عَلَيْك.
وَقَوله: ﴿فَقل أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود﴾ الصاعقة نَار تنزل من السَّمَاء إِلَى الأَرْض، وَهِي فِي هَذَا الْموضع كل عُقُوبَة مهلكة.
وَقَوله: ﴿إِذْ جَاءَتْهُم الرُّسُل من بَين أَيْديهم﴾ أَي: إِلَى الْآبَاء ﴿وَمن خَلفهم﴾ أَي: الْأَبْنَاء الَّذين كَانُوا خلف الْآبَاء، وَيجوز أَن يرجع قَوْله: ﴿وَمن خَلفهم﴾ إِلَى خلف الرُّسُل الْأَوَّلين.
وَقَوله: ﴿أَلا تعبدوا إِلَّا الله﴾ ظَاهر.
وَقَوله: ﴿قَالُوا لَو شَاءَ رَبنَا لأنزل مَلَائِكَة فَإنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون﴾ أَي: جاحدون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما عَاد فاستكبروا فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَقَالُوا من أَشد منا قُوَّة﴾ وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ من قوتهم أَن الرجل مِنْهُم كَانَ يضْرب رجله على الصَّخْرَة الصماء فتغوص فِيهَا رجله إِلَى ركبته، وَمن قوتهم أَنهم سدوا الْفَج الَّذِي كَانَ يخرج مِنْهُ الرّيح بصدورهم، حَتَّى قويت الرّيح وأهلكتهم وَاحِدًا بعد وَاحِد.
وَقَوله: ﴿أَو لم يرَوا أَن الله الَّذِي خلقهمْ هُوَ أَشد مِنْهُم قُوَّة وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يجحدون﴾ أَي: يُنكرُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا﴾ قَالَ مُجَاهِد: شَدِيدَة السمُوم. وَقَالَ قَتَادَة: شَدِيدَة الْبرد من الصر وَهُوَ الْبرد وَيُمكن الْجمع بَين الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قيل: إِنَّهَا كَانَت ريحًا بَارِدَة تحرق كَمَا يحرق السمُوم، وَيُقَال: صَرْصَرًا أَي: ذَات صَيْحَة، وَمِنْه سمي نهر الصرصر، وَهُوَ نهر يَأْخُذ من الْفُرَات.