(لأمر مَا تصرفت اللَّيَالِي... لأمر مَا تحركت النُّجُوم)
أَي: ولأمر.
وَقَوله: ﴿لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله﴾ نزلت الْآيَة على سَبَب، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة بن زيد أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ اسْتَأْجر رجلا من غفار يُقَال لَهُ: " جَهْجَاه " ليعْمَل لَهُ فِي بعض الْغَزَوَات، وَهِي غَزْوَة " الْمُريْسِيع " فجرت بَينه وَبَين رجل من الْأَنْصَار مُنَازعَة على رَأس بِئْر للإسقاء فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا للْأَنْصَار، وَقَالَ جَهْجَاه: يَا للمهاجرين، فَسمع النَّبِي ذَلِك فَقَالَ: " مَا بَال دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة دَعُوهَا فَإِنَّهَا ميتَة ". وَبلغ ذَلِك عبد الله بن أبي سلول فَغَضب وَقَالَ: هَذَا مثل مَا قَالَ الأول سمن كلبك، وَقَالَ: أما إِنَّكُم لَو أطعتموني لم تنفقوا على من اجْتمع عِنْد هَذَا الرجل وَكَانَ الْأَنْصَار يُنْفقُونَ على الْمُهَاجِرين، وَكَانُوا يَنْفضونَ عَنهُ وَقَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وعنى بالأعز نَفسه، وَبِالْأَذَلِّ مُحَمَّدًا فَبلغ ذَلِك النَّبِي وَقَالَ عمر: دَعْنِي أضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق. فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَا يبلغ النَّاس أَن مُحَمَّدًا يقتل أَصْحَابه " أَي: لَا أَقتلهُ لهَذَا قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بذلك أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس أخبرنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الديبلي، أخبرنَا أَبُو عبد الله سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، أخبرنَا سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ... الحَدِيث.
وَقد ذكر البُخَارِيّ هَذَا الْخَبَر فِي كِتَابه بِرِوَايَة زيد بن أَرقم قَالَ: كنت مَعَ عمر فِي غزَاة فَسمِعت عبد الله بن أبي بن سلول يَقُول لأَصْحَابه: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا، وَقَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل. قَالَ فَجئْت إِلَى عمر وَذكرت لَهُ ذَلِك، وَذكر عمر ذَلِك لرَسُول الله، فجَاء ابْن أبي بن سلول إِلَى النَّبِي وَحلف أَنه مَا قَالَه فَصدقهُ وَكَذبَنِي، فَأَصَابَنِي من الْهم مَا لم يُصِبْنِي مثله قطّ حَتَّى جَلَست فِي بَيْتِي، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة وَالَّتِي قبلهَا،