﴿وَتلك حُدُود الله وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا (١) فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو فارقوهن﴾ الرَّسُول أخرجك، يَعْنِي: من بَيت زَوجهَا، وَكَانَت تبذو بلسانها.
وَالْقَوْل الثَّالِث مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: الْفَاحِشَة نفس الْخُرُوج. وَهُوَ محكي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. فعلى هَذَا تَقْدِير الْآيَة إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة بخروجهن.
وَقَالَ بَعضهم: الْفَاحِشَة هَاهُنَا جَمِيع الْمعاصِي. وَأولى الْأَقَاوِيل هُوَ الأول لِكَثْرَة من قَالَ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مُوَافق لقَوْله: ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة﴾ وَأَجْمعُوا على أَن المُرَاد بِهِ الزِّنَا.
وَقَوله: ﴿وَتلك حُدُود الله﴾ قَالَ السدى: هِيَ شُرُوط الله. وَيُقَال: شرع الله، وَقيل: أمره وَنَهْيه.
وَقَوله: ﴿وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه﴾ أَي: أهلك نَفسه وأوبقها.
وَقَوله: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا﴾ القَوْل الْمَعْرُوف فِي هَذَا أَنه الرَّغْبَة فِي الْمُرَاجَعَة، وَفِيه دَلِيل على أَن المُرَاد بقوله: ﴿فطلقوهن﴾ فِي ابْتِدَاء الْآيَة هُوَ الطَّلقَة والطلقتان دون الثَّلَاثَة، وَيُقَال: إِن المُرَاد مِنْهُ الْوَاحِدَة وَالثَّلَاث جَمِيعًا. قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا﴾ قَالَ: هُوَ النّسخ؛ وَمَعْنَاهُ: لَعَلَّ الله ينْسَخ هَذَا الحكم وَيَرْفَعهُ. وَقيل: هُوَ الرَّغْبَة فِي ابْتِدَاء النِّكَاح بعد زوج آخر.
وَقَوله: ﴿فَإِذا بلغن أَجلهنَّ﴾ أَي: قاربن بُلُوغ أَجلهنَّ، وَهُوَ انْقِضَاء الْعدة.
وَقَوله: ﴿فأمسكوهن بِمَعْرُوف﴾ أَي: راجعوهن بِمَعْرُوف، وَمَعْنَاهُ: على أَمر الله تَعَالَى. وَيُقَال: الْمَعْرُوف هَاهُنَا: هُوَ أَن يُرَاجِعهَا ليمسكها لَا أَن يُرَاجِعهَا فيطلقها، فَيطول الْعدة عَلَيْهَا على مَا كَانَ يَفْعَله أهل الْجَاهِلِيَّة.
وَقَوله: ﴿أَو فارقوهن بِمَعْرُوف﴾ مَعْنَاهُ: أَن يَتْرُكهَا لتنقضي الْعدة فَتَقَع الْفرْقَة. وَالْمَعْرُوف: هُوَ مَا أَمر الله تَعَالَى بِهِ من إِيصَال حَقّهَا إِلَيْهَا من السُّكْنَى وَالنَّفقَة فِي