﴿جلودكم وَلَكِن ظننتم أَن الله لَا يعلم كثيرا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وذلكم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين (٢٣) فَإِن يصبروا فَالنَّار مثوى لَهُم وَإِن يستعتبوا فَمَا هم من المعتبين (٢٤) ﴾
وَقَوله: ﴿وَلَكِن ظننتم أَن الله لَا يعلم كثيرا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ هُوَ قَول من قَالَ: إِن الله يسمع إِذا جهرنا، وَلَا يسمع إِذا أخفينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وذلكم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرداكم﴾ هُوَ مَا قُلْنَاهُ.
وَقَوله: ﴿أرداكم﴾ أَي: أهلككم. وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: "... أَنا عِنْد ظن عَبدِي، وَأَنا مَعَه حِين يذكرنِي... ".
وَفِي بعض الْأَحَادِيث: " أَن الله تَعَالَى يَأْمر بِعَبْد من عبيده إِلَى النَّار، فَيَقُول: أَي رب، مَا كَانَ هَذَا ظَنِّي بك. فَيَقُول: وَمَا كَانَ ظَنك بِي؟ فَيَقُول العَبْد: كَانَ ظَنِّي أَن تغْفر لي وتدخلني الْجنَّة، فَيغْفر الله لَهُ ".
وَفِي بعض التفاسير: أَن العَبْد إِذْ ظن الْخَيْر فعل الْخَيْر، وَإِذا ظن الشَّرّ فعل الشَّرّ.
وَقَوله: ﴿فأصبحتم من الخاسرين﴾ أَي: الهالكين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن يصبروا فَالنَّار مثوى لَهُم﴾ المثوى: الْمنزل.
وَقَوله: ﴿وَإِن يستعتبوا فَمَا هم من المعتبين﴾ الاستعتاب طلب الإعتاب، والإعتاب أَن يعود الْإِنْسَان إِلَى مَا يُحِبهُ بعد أَن فعل مَا يكرههُ. تَقول الْعَرَب: أستعتب فلَانا فأعتبني، بِمَعْنى مَا قُلْنَا.
وَقَوله: ﴿فماهم من المعتبين﴾ أَي: لَا يرجع بهم إِلَى مَا كَانُوا يحبونَ. وَقيل: إِن مَا يحبونَ هُوَ أَن يعيدهم إِلَى الدُّنْيَا فيعبدوا الله ويطيعوه.
وَأما قَوْله: ﴿فَإِن يصبروا﴾ مَعْنَاهُ: فَإِن يصبروا أَو لَا يصبروا. وَمَعْنَاهُ: لَا يَنْفَعهُمْ