﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا عَسى ربكُم أَن يكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ ويدخلكم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه نورهم يسْعَى بَين أَيْديهم وبأيمانهم يَقُولُونَ رَبنَا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إِنَّك على كل﴾
وَقَوله: ﴿تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا﴾ قَالَ عمر وَابْن مَسْعُود: هُوَ أَن يَتُوب من الذَّنب ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ أبدا، وَيُقَال: نصُوحًا أَي: صَادِقَة، وَيُقَال: خَالِصَة، وَقيل: محكمَة وَثِيقَة. وَهُوَ مَأْخُوذ من النصح وَهُوَ الْخياطَة، كَأَن التَّوْبَة ترقع خرق الذَّنب فيلتئم، كالخياط يخيط بالشَّيْء فيلتئم. وَقُرِئَ: " نصُوحًا " بِضَم النُّون أَي: ذَات نصح.
وَقَوله: ﴿عَسى ربكُم أَن يكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾ قد بَينا أَن عَسى من الله وَاجِبَة.
وَقَوله: ﴿ويدخلكم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار﴾ أَي: بساتين.
وَقَوله: ﴿يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي﴾ أَي: لَا يهينه وَلَا يَفْضَحهُ، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى كَرَامَة فِي الْآخِرَة؛ يَعْنِي: يُكرمهُ ويشرفه فِي ذَلِك الْيَوْم، وَلَا يهينه، وَلَا يذله.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين آمنُوا مَعَه﴾ أَي: كَذَلِك يَفْعَله بالذين آمنُوا مَعَه.
وَقَوله: ﴿نورهم يسْعَى بَين أَيْديهم﴾ هُوَ نور الْإِيمَان يكون قدامهم على الصِّرَاط يَمْشُونَ فِي ضوئه. وَفِي التَّفْسِير: أَن لأَحَدهم مثل الْجَبَل، وَلآخر على قدر ظفره ينطفئ مرّة ويتقد أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿وبأيمانهم﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: وبأيمانهم كتبهمْ، وَالْآخر: وبأيمانهم نورهم كالمصابيح.
وَقَوله: ﴿يَقُولُونَ رَبنَا أتمم لنا نورنا﴾ وَفِي [التَّفْسِير] : أَنهم يَقُولُونَ ذَلِك حِين يخمد وينطفئ نور الْمُنَافِقين، فَيَقُولُونَ ذَلِك إشفاقا على نورهم.
وَقَوله: ﴿واغفر لنا إِنَّك على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.