﴿وَقيل ادخلا النَّار مَعَ الداخلين (١٠) وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امرأت فِرْعَوْن إِذْ قَالَت رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله ونجني من الْقَوْم الظَّالِمين (١١) وَمَرْيَم ابنت عمرَان الَّتِي أحصنت فرجهَا فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا﴾ أَي: عَن امرأتيهما. وَالْمرَاد تحذير عَائِشَة وَحَفْصَة، يَعْنِي: أنكما إِن عصيتما رَبكُمَا لم يدْفع رَسُول الله عنكما شَيْئا، كَمَا لم يدْفع نوح وَلُوط عَن امرأتيهما.
وَقَوله: ﴿وَقيل ادخلا النَّار مَعَ الداخلين﴾ أَي: قيل للمرأتين.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن﴾ وَهِي آسِيَة بنت مُزَاحم، وَكَانَت آمَنت بِاللَّه وبموسى عَلَيْهِ السَّلَام سرا ثمَّ أظهرت، فعذبها فِرْعَوْن وعاقبها، وَفِي الْقِصَّة: أَنه وتدها بأَرْبعَة أوتاد من حَدِيد، وَفِي الْقِصَّة: أَن أول من آمَنت امْرَأَة خَازِن فِرْعَوْن، وَيُقَال: ماشطة بنت فِرْعَوْن، فعذبها فِرْعَوْن فَصَبَرت على ذَلِك، فأظهرت حِينَئِذٍ آسِيَة إيمَانهَا.
وَقَوله: ﴿إِذْ قَالَت رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة﴾ أَي: دَارا.
وَقَوله: ﴿ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: من شركه، وَالْآخر: من المضاجعة مَعَه. وَيُقَال: من الْجِمَاع.
وَقَوله: ﴿ونجني من الْقَوْم الظَّالِمين﴾ أَي: من قوم فِرْعَوْن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَرْيَم ابْنة عمرَان الَّتِي أحصنت فرجهَا﴾ أشهر الْقَوْلَيْنِ أَنه الْفرج بِعَيْنِه. وَالْعرب تَقول: أحصنت فُلَانَة فرجهَا إِذا عفت عَن الزِّنَا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْفرج هَاهُنَا هُوَ الجيب. قَالَ الْفراء: كل خرق فِي درع أَو غَيره فَهُوَ فرج، وَيُقَال: فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب: " فنفخنا فِي جيبها من رُوحنَا "
وَقَوله: ﴿فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا﴾ فِي الْقِصَّة: أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نفخ فِي جيب درعها فَحملت بِعِيسَى، وَرُوِيَ أَنه دخل عَلَيْهَا فِي صُورَة شَاب أَمْرَد جعد قطط، وَهِي فِي مدرعة صوف. قَالَ أَبُو معَاذ النَّحْوِيّ: فِي مدرعتها. وعَلى القَوْل الأول إِذا


الصفحة التالية
Icon