﴿قل هُوَ للَّذين آمنُوا هدى وشفاء وَالَّذين لَا يُؤمنُونَ فِي آذانهم وقر وَهُوَ عَلَيْهِم عمى أُولَئِكَ ينادون من مَكَان بعيد (٤٤) وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب فَاخْتلف فِيهِ وَلَوْلَا كلمة﴾
فَقَالَ أَبُو فكيهة: لَا، بل أَنا أتعلم مِنْهُ، وَهُوَ يعلمني.
وَقَوله: ﴿قل هُوَ للَّذين آمنُوا﴾ أَي: الْقُرْآن ﴿هدى وشفاء﴾ أَي: هدى للأبصار، وشفاء للقلوب.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين لَا يُؤمنُونَ فِي آذانهم وقر﴾ أَي: ثقل وصمم، كَأَنَّهُ جعلهم بِمَنْزِلَة الصم حِين لم يسمعوا سَماع قَابل.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ عَلَيْهِم عمى﴾ قَالَ الْفراء: عموا وصموا على الْقُرْآن حَيْثُ لم ينتفعوا بِهِ. وَقيل: عميت أَبْصَارهم عَن الْقُرْآن، فالقرآن عَلَيْهِم بِمَنْزِلَة الْعَمى.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ ينادون من مَكَان بعيد﴾ أَي: بعيد من قُلُوبهم، حكى هَذَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، وَيُقَال: ينادون من مَكَان بعيد أَي: السَّمَاء، قَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب لمن لَا يفهم القَوْل: إِنَّه يَأْخُذهُ من مَكَان بعيد، وَإِذا كَانَ يفهم يَقُولُونَ: إِنَّه يَأْخُذهُ من مَكَان قريب.
وَذكر بعض النَّحْوِيين أَن قَوْله: ﴿أُولَئِكَ ينادون من مَكَان بعيد﴾ جَوَاب لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين كفرُوا بِالذكر لما جَاءَهُم﴾ وَالَّذِي ذكرنَا أَن الْجَواب مَحْذُوف هُوَ الأولى، وَقد بَينا. أوردهُ النّحاس.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب فَاخْتلف فِيهِ﴾ الْكتاب هُوَ التَّوْرَاة، وَالِاخْتِلَاف فِيهِ أَنه آمن بِهِ بَعضهم وَكفر بَعضهم.
وَقَوله: ﴿وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك﴾ أَي: تَأْخِير الْقِيَامَة إِلَى أجل مَعْلُوم عِنْده. وَعَن عَطاء قَالَ: الْكَلِمَة الَّتِي سبقت من ربه هِيَ أَن آدم صلوَات الله عَلَيْهِ لما عطس ألهمه الله تَعَالَى حَتَّى قَالَ: الْحَمد لله، فَقَالَ الله تَعَالَى: يَرْحَمك رَبك. فَهِيَ الْكَلِمَة الَّتِي سبقت من الله.