﴿وَإِلَى الَّذين من قبلك الله الْعَزِيز الْحَكِيم (٣) لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَهُوَ الْعلي الْعَظِيم (٤) تكَاد السَّمَوَات يتفطرن من فوقهن وَالْمَلَائِكَة يسبحون بِحَمْد رَبهم وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض أَلا إِن الله هُوَ الغفور الرَّحِيم (٥) الْكَلِمَات، كَذَلِك يوحيها إِلَيْك. وَيُقَال: المُرَاد مِنْهُ الْوَحْي على الْجُمْلَة.
وَقَوله: {وَإِلَى الَّذين من قبلك الله الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ يَعْنِي: أَن الله تَعَالَى يوحي إِلَيْك وَإِلَى الَّذين من قبلك وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم أَي: من صفته الْعِزَّة وَالْحكمَة، وَمَعْنَاهُ: عَزِيز فِي نصرته، حَكِيم فِي فعله، وَقُرِئَ: " كَذَلِك نوحي إِلَيْك " بالنُّون، وَمَعْنَاهُ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَهُوَ الْعلي الْعَظِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿تكَاد السَّمَوَات يتفطرن﴾ وَقُرِئَ: " ينفطرن " وَمَعْنَاهُ: يتشققن.
وَقَوله: ﴿من فوقهن﴾ أَي: من فَوق الْأَرْضين، وانفطارها لعَظيم مَا جَاءَ بِهِ الْكفَّار. وَقيل: خوفًا من الله تَعَالَى. وَيُقَال: هَيْبَة وإجلالا. وَقيل: لِعَظَمَة الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿وَالْمَلَائِكَة يسبحون بِحَمْد رَبهم﴾ أَي: يصلونَ بِحَمْد رَبهم، وَيُقَال: ينزهون رَبهم.
وَقَوله: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض﴾ مَعْنَاهُ: للْمُؤْمِنين الَّذين فِي الأَرْض، وَهَذَا محكى عَن ابْن عَبَّاس، وَاللَّفْظ عَام أُرِيد بِهِ الْخَاص، وَقيل: إِن الَّذين يَسْتَغْفِرُونَ للْمُؤْمِنين حَملَة الْعَرْش خَاصَّة على مَا ذكر تَعَالَى فِي سُورَة الْمُؤمن. وَقيل: هم جَمِيع الْمَلَائِكَة. وَفِي التَّفْسِير: أَن استغفارهم لمن فِي الأَرْض من الْوَقْت الَّذِي افْتتن هاروت وماروت بِالْمَرْأَةِ الَّتِي تسمى زهرَة، وفعلا مَا فعلا، واختارا عَذَاب الدُّنْيَا، وَقد كَانَت الْمَلَائِكَة من قبل يدعونَ على العصاة، فَمن ذَلِك الْوَقْت كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ للعصاة من الْمُؤمنِينَ.
وَقَوله: ﴿أَلا إِن الله هُوَ الغفور الرَّحِيم﴾ أَي: الستور لذنوب عباده.