﴿أَن أقِيمُوا الدّين وَلَا تتفرقوا فِيهِ كبر على الْمُشْركين مَا تدعوهم إِلَيْهِ الله يجتبي إِلَيْهِ من يَشَاء وَيهْدِي إِلَيْهِ من ينيب (١٣) وَمَا تفَرقُوا إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغيا بَينهم وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك إِلَى أجل مُسَمّى لقضي بَينهم وَإِن الَّذين أورثوا الْكتاب من بعدهمْ لفي شكّ مِنْهُ مريب (١٤) فَلذَلِك فَادع﴾
وَقَوله: ﴿وَلَا تتفرقوا فِيهِ﴾ أَي: كَمَا تَفَرَّقت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَي: آمنُوا بِالْبَعْضِ وَكَفرُوا بِالْبَعْضِ.
وَقَوله: ﴿كبر على الْمُشْركين مَا تدعوهم إِلَيْهِ﴾ أَي: عظم عِنْد الْمُشْركين مَا تدعوهم إِلَيْهِ من التَّوْحِيد، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشَيْء عُجاب﴾.
وَقَوله: ﴿الله يجتبي إِلَيْهِ من يَشَاء﴾ أَي: يستخلص لدينِهِ من يَشَاء.
وَقَوله: ﴿وَيهْدِي إِلَيْهِ من ينيب﴾ أَي: يرشد إِلَى الرُّجُوع إِلَيْهِ من اخْتَار الرشد والإنابة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا تفَرقُوا إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغيا بَينهم﴾ يَعْنِي: الْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَقَوله: ﴿بغيا بَينهم﴾ أَي: حسدا بَينهم.
وَقَوله: ﴿وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: الْكَلِمَة الَّتِي سبقت من الله قَوْله تَعَالَى: ﴿بل السَّاعَة موعدهم﴾.
وَقَوله: ﴿إِلَى أجل مُسَمّى لقضى بَينهم﴾ أَي: لفصل بَينهم الْأَمر فِي الْحَال ﴿وَإِن الَّذين أورثوا الْكتاب من بعدهمْ﴾ أَي: من الَّذين تقدمُوا، وَقَوله: ﴿أورثوا﴾ أَي: أعْطوا.
وَقَوله: ﴿لفي شكّ مِنْهُ مريب﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلذَلِك فَادع﴾ أَي: فَإلَى هَذَا فَادع، وَهُوَ التَّوْحِيد، وَذكر النّحاس: أَن فِي الْآيَة تَقْدِيمًا وتأخيرا، وَمَعْنَاهُ: كبر على الْمُشْركين مَا تدعوهم إِلَيْهِ فَلذَلِك فَادع [أَي] : إِلَى ذَلِك فَادع، وَقد تذكر اللَّام بِمَعْنى إِلَى، قَالَ الشَّاعِر:


الصفحة التالية
Icon