﴿يستعجل بهَا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا وَالَّذين آمنُوا مشفقين مِنْهَا ويعلمون أَنَّهَا الْحق أَلا إِن الَّذين يمارون فِي السَّاعَة لفي ضلال بعيد (١٨) الله لطيف بعباده يرْزق من يَشَاء وَهُوَ الْقوي الْعَزِيز (١٩) من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة﴾
وَقَوله: ﴿يستعجل بهَا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الْكفَّار كَانُوا يأْتونَ النَّبِي ويسألونه عَن السَّاعَة مَتى تكون؟ وَيَقُولُونَ: هلا سَأَلت رَبك أَن يقيمها الْآن؟ وَكَانَ بَعضهم يَقُول: اللَّهُمَّ من كَانَ منا على الْبَاطِل فأقم عَلَيْهِ الْقِيَامَة السَّاعَة؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿يستعجل بهَا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا﴾ وَكَانَ استعجالهم بهَا على طَرِيق الاستبعاد لقيامها تَكْذِيبًا بهَا.
قَوْله: ﴿وَالَّذين آمنُوا مشفقون مِنْهَا﴾ أَي: خائفون وجلون مِنْهَا، وخوفهم من المحاسبة الموعودة وَالْجَزَاء الْوَاقِع على الْأَعْمَال.
وَقَوله: ﴿ويعلمون أَنَّهَا الْحق﴾ أَي: أَنَّهَا قَائِمَة لَا محَالة.
وَقَوله: ﴿أَلا إِن الَّذين يمارون فِي السَّاعَة﴾ أَي: يَشكونَ فِيهَا، وَقيل: يَخْتَلِفُونَ فِيهَا اخْتِلَاف الشاكين.
وَقَوله: ﴿لفي ضلال بعيد﴾ أَي: فِي خطأ طَوِيل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله لطيف بعباده﴾ أَي: بار حفي رَحِيم بهم، وَيُقَال: معنى اللَّطِيف هَاهُنَا الرَّزَّاق أَي: لَا يُهْلِكهُمْ جوعا بل يرزقهم. وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: إِن المعني بعباده فِي كل مَوضِع ذكره هُوَ الْمُؤْمِنُونَ خَاصَّة، وَالْهَاء للإضافة، وباء التَّخْصِيص توجب هَذَا وتقتضيه.
وَقَوله: ﴿ويرزق من يَشَاء وَهُوَ الْقوي الْعَزِيز﴾ أَي: الْقوي فِي نصْرَة الْمُؤمنِينَ، وَقيل: فِي الْقُدْرَة على إِيصَال الرزق إِلَيْهِم، وَقَوله: ﴿الْعَزِيز﴾ أَي: الْغَالِب الَّذِي لَا يغالب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة﴾ أَي: الْعَمَل للآخرة، وَمِنْه قَول