﴿وَمن يقترف حَسَنَة نزد لَهُ فِيهَا حسنا إِن الله غَفُور شكور (٢٣) ﴾ الْمعَانِي؛ لِأَن قَوْله: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى﴾ لَيْسَ باستثناء صَحِيح حَتَّى يكون مُخَالفا لقَوْله: ﴿إِن أجري إِلَّا على الله﴾ بل هُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: قل لَا أسالكم عَلَيْهِ أجرا أَي: مَالا، وَتمّ الْكَلَام. وَمعنى قَوْله: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى﴾ لَكِن صلوا قَرَابَتي بالاستجابة لي أَو تكفوا أذاكم عني.
وَفِي بعض التفاسير: أَن أهل الْجَاهِلِيَّة لما علمُوا جد النَّبِي ظنُّوا انه يطْلب مَالا، فَجمعُوا لَهُ شَيْئا حسنا من أَمْوَالهم، وَقَالُوا: نعطيك هَذَا المَال، وكف عَمَّا أَنْت عَلَيْهِ، فَأنْزل الله الْآيَة على الْمَعْنى الَّذِي قدمنَا.
وَالْقَوْل الرَّابِع: مَا روى فِي بعض الغرائب من الرِّوَايَات بِرِوَايَة سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن معنى قَوْله: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى﴾ أَن تودوا أقربائي وتحبوهم.
وَحكى بَعضهم: أَن النَّبِي سُئِلَ عَن هَذِه، وَعَن معنى الْقُرْبَى فَقَالَ: " عَليّ وَفَاطِمَة وولدهما "، وَهَذَا أغرب الْأَقَاوِيل وأضعفها.
وَقَوله: ﴿وَمن يقترف حَسَنَة﴾ أَي: يكْتَسب حَسَنَة أَي: طَاعَة ﴿نزد لَهُ فِيهَا حسنا﴾ أَي: نضاعف لَهُ الْحَسَنَة.
وَقَوله: ﴿إِن الله غَفُور شكور﴾ أَي: غَفُور للكثير من الذُّنُوب، شكور لليسير فِي الطَّاعَات.