﴿الْغَيْث من بعد مَا قَنطُوا وينشر رَحمته وَهُوَ الْوَلِيّ الحميد (٢٨) وَمن آيَاته خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة وَهُوَ على جمعهم إِذا يَشَاء قدير (٢٩) وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير (٣٠) ﴾ كَمَا قَالَ.
﴿وينشر رَحمته﴾ أَي: بإنزال الْغَيْث.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْوَلِيّ الحميد﴾ أَي: الْمَالِك لما يَفْعَله، الْمُسْتَحق للحمد فِيمَا ينزله من الْغَيْث.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن آيَاته خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد بِهِ وَمَا بَث فِي الأَرْض من دَابَّة، فَذكر السَّمَاء وَالْأَرْض، وَالْمرَاد أَحدهمَا، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان﴾ وَإِنَّمَا يسْتَخْرج من أَحدهمَا، وَهُوَ المالح دون العذب.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة﴾ وَهُوَ على حَقِيقَته، وَالدَّابَّة كل مَا يدب، وَالْمَلَائِكَة مِمَّا يدب، قَالَه مُجَاهِد وَغَيره.
﴿وَهُوَ على جمعهم إِذا يَشَاء قدير﴾ أَي: قَادر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: قد نرى من تصيبه الْمُصِيبَة بِغَيْر ذَنْب سبق مِنْهُ، فَكيف وَجه الْآيَة؟ وَالْجَوَاب من وُجُوه: أَحدهَا: أَن قَوْله: ﴿وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة﴾ هِيَ الْحُدُود تُقَام إِلَّا على العَاصِي وَلَا تُقَام على العاصين، وَهَذَا قَول حسن.