﴿وَيعلم الَّذين يجادلون فِي آيَاتنَا مَا لَهُم من محيص (٣٥) فَمَا أُوتِيتُمْ من شَيْء فمتاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمَا عِنْد الله خير وَأبقى للَّذين آمنُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش وَإِذا مَا غضبوا وهم يغفرون (٣٧) وَالَّذين اسْتَجَابُوا﴾
وَقَوله: ﴿وَيعلم الَّذين يجادلون فِي آيَاتنَا﴾ وَقُرِئَ: " وَيعلم " بِضَم الْمِيم، فَأَما الْقِرَاءَة بِنصب الْمِيم فبتقدير أَن، وَأما بِالرَّفْع فَمَعْنَاه وَسَيعْلَمُ الَّذين يجادلون فِي آيَاتنَا.
﴿مَا لَهُم من محيص﴾ أَي: ملْجأ ومهرب، قَالَه السدى وَغَيره.
وَقَوله: ﴿فَمَا أُوتِيتُمْ من شَيْء فمتاع الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: مَنْفَعَة الْحَيَاة الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿وَمَا عِنْد الله خير وَأبقى﴾ أَي: الْجنَّة خير وأدوم.
وَقَوله: ﴿للَّذين آمنُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم﴾ وَقُرِئَ: " كَبِير الْإِثْم "، وَقد بَينا تَفْسِير الْكَبَائِر من قبل.
وَفِي التَّفْسِير: أَن قتل النَّفس، وَقذف الْمُحْصنَات، والإشراك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين والفرار من الزَّحْف، وَأكل مَال الْيَتِيم، والتأفيف، وَالسحر، وَشرب الْخمر؛ من الْكَبَائِر، وَيُقَال: كل مَا أوعد الله عَلَيْهِ فِي النَّار فَهُوَ من الْكَبَائِر. وَأما إِضَافَة الْكَبَائِر إِلَى الْإِثْم فَيُقَال: إِنَّمَا أضافها إِلَيْهِ؛ لِأَن فِي الْإِثْم كَبِيرا وصغيرا. وَيُقَال: إِضَافَة الْكَبَائِر إِلَى الْإِثْم كإضافة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف.
وَقَوله: ﴿وَالْفَوَاحِش﴾ الْفَوَاحِش: هِيَ القبائح من الزِّنَا وَغَيره.
وَقَوله: ﴿وَإِذا مَا غضبوا هم يغفرون﴾ أَي: يتجاوزون، وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف أَن النَّبِي قَالَ: " أَلا أنبئكم بالشديد؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: من ملك نَفسه عِنْد الْغَضَب ".


الصفحة التالية
Icon