﴿لرَبهم وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَأمرهمْ شُورَى بَينهم وَمِمَّا رزقتاهم يُنْفقُونَ (٣٨) وَالَّذين إِذا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين اسْتَجَابُوا لرَبهم﴾ يُقَال: إِن الْآيَة نزلت فِي الْأَنْصَار، وَيُقَال: إِنَّهَا عَامَّة.
وَقَوله: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاة﴾ إِقَامَة الصَّلَاة إتيانها بشرائطها وحفظها بحدودها.
وَقَوله: ﴿وَأمرهمْ شُورَى بَينهم﴾ ذكر النقاش: أَن هَذَا فِي الْأَنْصَار وَكَانُوا يتشاورون فِي الْأَمر بَينهم؛ فمدحهم الله على ذَلِك، وَذَلِكَ دَلِيل على اتِّفَاق الْكَلِمَة، وَترك الاستبداد بِالرَّأْيِ، وَالرُّجُوع إِلَى الرَّأْي عِنْد نزُول الْحَادِثَة. وَقيل: إِن الْأَنْصَار تشاوروا فِيمَا بَينهم حِين دعاهم النَّبِي إِلَى الْإِيمَان، ثمَّ أجابوا إِلَى الْإِيمَان.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: مَا تشَاور قوم إِلَّا هُدُوا إِلَى ارشد أُمُورهم. والشورى مَأْخُوذَة من قَوْلهم: شرت الدَّابَّة أشورها إِذا سيرتها مقبلة، ومدبرة لاستخراج السّير مِنْهَا. وَيُقَال: لذَلِك الْموضع المشوار. وَالْعرب تَقول: إياك والخطب فَإِنَّهَا مشوار كثير العناد. وَفِي الْخَبَر بِرِوَايَة [أبي] عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي قَالَ: " إِذا كَانَت أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم أسخياؤكم وأمركم شُورَى بَيْنكُم، فَظهر الأَرْض خير لكم، من بَطنهَا، وَإِذا كَانَت أمراؤكم شِرَاركُمْ، وأغنياؤكم (بخلاؤكم)، وأمركم إِلَى نِسَائِكُم؛ فبطن الأَرْض خير لكم من ظهرهَا ".
وَاعْلَم أَن هَذِه السُّورَة تسمى سُورَة الشورى.
وَقَوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ أَي: يتصدقون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي هم ينتصرون﴾ أَي: الظُّلم، وَقَوله:


الصفحة التالية
Icon