﴿فَإِن الْإِنْسَان كفور (٤٨) لله ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يخلق مَا يَشَاء يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور (٤٩) أَو يزوجهم ذكرانا وإناثا وَيجْعَل من يَشَاء عقيما إِنَّه عليم قدير (٥٠) وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿لله ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يخلق مَا يَشَاء يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور﴾ أَي: يُعْطي الْإِنَاث دون الذُّكُور، والذكور دون الْإِنَاث.
وَقَوله: ﴿أَو يزوجهم ذكرانا وإناثا﴾ أَي: يجمع الذُّكُور وَالْإِنَاث فِي الْعَطاء، وَمعنى قَوْله: ﴿يزوجهم﴾ أَي: يصنفهم كَأَنَّهُ يَجْعَل الْأَوْلَاد صنفين: صنفا إِنَاثًا، وَصِنْفًا ذُكُورا.
وَقَوله: ﴿وَيجْعَل من يَشَاء عقيما﴾ أَي: لَا يُولد لَهُ أصلا، وَفِي التَّفْسِير: أَن الْآيَة فِي الْأَنْبِيَاء، فَقَوله: ﴿يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا﴾ هُوَ لوط النَّبِي كَانَ لَهُ بَنَات، وَلم يكن لَهُ ولد ذكر، وَقَوله: ﴿ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور﴾ هُوَ إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ كَانَ لَهُ بنُون، وَلم تكن لَهُ أُنْثَى، وَقَوله: ﴿أَو نزوجهم ذكرانا وإناثا﴾ هُوَ الرَّسُول صلوَات الله عَلَيْهِ ولد لَهُ أَرْبَعَة بَنِينَ، وَأَرْبع بَنَات، فالبنون: الْقَاسِم وَبِه كني رَسُول الله، وَعبد الله، والطاهر، وَكَانَ يُسمى الطّيب أَيْضا وَإِبْرَاهِيم، فالثلاثة الْأَولونَ من خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وَإِبْرَاهِيم بن مَارِيَة الْقبْطِيَّة، وَأما الْبَنَات: فزينب، ورقية، وَأم كُلْثُوم، وَفَاطِمَة، كُلهنَّ من خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وعنهن، وَقَوله: ﴿وَيجْعَل من يَشَاء عقيما﴾ وَهُوَ يحيى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام لم يكن لَهما ولد وَلَا زَوْجَة.
وَقَوله: ﴿إِنَّه عليم قدير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا﴾ ذكر النقاش فِي تَفْسِيره: أَن سَبَب نزُول الْآيَة هُوَ ان الْمُشْركين قَالُوا للنَّبِي: هلا كلمك الله وَنظرت إِلَيْهِ كَمَا كَانَ مُوسَى؟ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿إِلَّا وَحيا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا أَنه الإلهام من الله تَعَالَى بالنفث فِي