﴿مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الْإِيمَان وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نورا نهدي بِهِ من نشَاء من عبادنَا﴾ وَآخرهمْ مُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام ".
وَقَوله: ﴿إِنَّه عَليّ حَكِيم﴾ أَي: متعال مِمَّا يصفونه (الْمُشْركُونَ)، حَكِيم فِي جَمِيع مَا يَفْعَله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك روحا من أمرنَا﴾ الرّوح هَاهُنَا هُوَ الْقُرْآن سَمَّاهُ روحا؛ لِأَنَّهُ تحيا بِهِ الْقُلُوب كالروح تحيا بِهِ النُّفُوس، وَقيل: إِنَّه النُّبُوَّة، وَالْأول أشهر.
وَقَوله: ﴿من أمرنَا﴾ أَي: بأمرنا.
وَقَوله: ﴿وَمَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الْإِيمَان﴾ الْكتاب هُوَ الْقُرْآن، وَقيل: مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب لَوْلَا أنزلنَا إِيَّاه عَلَيْك. وَقَوله: ﴿وَلَا الْإِيمَان﴾ الْمَعْرُوف أَن المُرَاد بِهِ شرائع الْإِيمَان، وَهَذَا قد حكى عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة وَغَيره من أَئِمَّة السّنة.
وَعَن بَعضهم أَن مَعْنَاهُ: مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الْإِيمَان أَي: قبل الْبلُوغ. وَالْقَوْل الثَّالِث: مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الْإِيمَان أَي: أهل الْإِيمَان، وَهَذَا حكى عَن الْحُسَيْن بن الْفضل البَجلِيّ.
وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة النزال بن سُبْرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " قيل لرَسُول الله: هَل عبدت وثنا قطّ؟ قَالَ: لَا. وَقيل لَهُ: هَل شربت خمرًا قطّ؟ قَالَ: لَا. وَمَا زلت أعرف أَن مَا هم عَلَيْهِ بَاطِل، وَلم يُوح إِلَى كتاب وَلَا إِيمَان " وَالْخَبَر غَرِيب.
وَقَوله: ﴿وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نورا نهدي بِهِ من نشَاء من عبادنَا وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ أَي: تَدْعُو، وَفِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب: " وَإنَّك لتدعو إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم "


الصفحة التالية
Icon