((٥} وَكم أرسلنَا من نَبِي فِي الْأَوَّلين (٦) وَمَا يَأْتِيهم من نَبِي إِلَّا كَانُوا بِهِ يستهزئون (٧) فأهلكنا أَشد مِنْهُم بطشا وَمضى مثل الْأَوَّلين (٨) وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق) التفاسبر: أَن أم الْكتاب مَذْكُور عِنْد الله تَعَالَى، قد بَين فِيهِ جَمِيع الْأَشْيَاء، فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة عورض مَا كَانَ من المكاتبات بذلك الذّكر فتوجد على السوَاء.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي [أَنه] قَالَ: " إِن أول مَا خلق الله تَعَالَى الْقَلَم، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: وَمَا أكتب؟ قَالَ: مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَقَوله: ﴿لدينا﴾ أَي: عندنَا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿لعلى﴾ أَي: رفيع لَا يَنَالهُ أحد بتبديل وَلَا تَغْيِير.
وَقَوله: ﴿حَكِيم﴾ أَي: أحكمت آيَاته لَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أفنضرب عَنْكُم الذّكر صفحا﴾ مَعْنَاهُ: أفنصفح عَنْكُم وَقد كَذبْتُمْ بآياتي وتركتم أوامري. قَالَ القتيبي: وَهَذَا مَأْخُوذ من قَوْلهم: ضرب فلَان دَابَّته وصفحت عَنهُ أَي: مَالَتْ عَنهُ، وَحَقِيقَة المُرَاد: أفنضرب عَنْكُم الذّكر صافحين أَي: نمهلكم ونترككم فَلَا نأمركم وَلَا ننهاكم وَلَا نعرفكم مَا يجب عَلَيْكُم ﴿أَن كُنْتُم قوما مسرفين﴾ أى لَان كُنْتُم قوما مسرفين. وَيُقَال مَعْنَاهُ: نترككم والتكذيب وَلَا نعاقبكم عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكم أرسلنَا من نَبِي فِي الْأَوَّلين﴾ كم للتكثير.
وَقَوله: ﴿من نَبِي فِي الْأَوَّلين﴾ أَي: فِي الْقُرُون الْمَاضِيَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا ياتيهم من نَبِي إِلَّا كَانُوا بِهِ يستهزئون﴾ أَي: يسخرون، وَهَذَا على الْأَكْثَر؛ لِأَنَّهُ قد كَانَ فيهم من آمن.
وَقَوله: ﴿فأهلكنا أَشد مِنْهُم بطشا﴾ أَي: فأهلكنا من هُوَ أَشد من قَوْمك بطشا أَي: قُوَّة.
وَقَوله: ﴿وَمضى مثل الْأَوَّلين﴾ أَي: عقوبات الْأَوَّلين، وَذكر بِلَفْظ الْمثل على