﴿السَّمَوَات وَالْأَرْض ليَقُولن خَلقهنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم (٩) الَّذِي جعل لكم لأرض مهدا وَجعل لكم فِيهَا سبلا لَعَلَّكُمْ تهتدون (١٠) وَالَّذِي نزل من السَّمَاء مَاء بِقدر فأنشرنا بِهِ﴾ معنى أَنَّهَا سنة المكذبين من قبل. وَقُرِئَ: " مثل الْأَوَّلين " بِضَم الْمِيم والثاء على الْجمع، وَمَعْنَاهُ مَا بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: وَلَئِن سَالَتْ الْمُشْركين من خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض ﴿ليَقُولن خَلقهنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم﴾ وَهَذَا على طَرِيق التعجيب من حَالهم أَي: كَيفَ يعْبدُونَ الْأَصْنَام ويزعمون أَن لله شَرِيكا، وَقد أقرُّوا أَن الله تَعَالَى خَالق السَّمَوَات والرض؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِي جعل لكم الأَرْض مهدا﴾ هَذَا ابْتِدَاء كَلَام من الله تَعَالَى من غير أَن يكون حِكَايَة عَن الْكفَّار؛ لِأَن كَلَامهم قد تمّ فِي الْآيَة الأولى.
وَقَوله: ﴿وَجعل لكم الآرض مهدا﴾ قد بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿وَجعل لكم فِيهَا سبلا﴾ أَي: [طرقا].
وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تهتدون﴾ أَي: تهتدون بسلوكها فِي أسفاركم. وَقيل: فِي معايشكم وتصرفاتكم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِي نزل من السَّمَاء مَاء بِقدر﴾ أَي: بِمِقْدَار مَعْلُوم، فَلَا ينقص عَن حاجات النَّاس فَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَلَا يزِيد فَيكون سيلا مهْلكا، وَهَذَا على أَكثر الْأَحْوَال، وَقد يكو بِخِلَافِهِ.
وَقَوله: ﴿فأنشرنا بِهِ بَلْدَة مَيتا﴾ مَعْنَاهُ: أحيينا بِهِ أَرضًا ميتَة.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك تخرجُونَ﴾ يَعْنِي: تبعثون يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِي خلق الْأزْوَاج كلهَا﴾ أَي: الْأَصْنَاف كلهَا، وَيُقَال: لكل شَيْئَيْنِ قرينين زوجان، وكل وَاحِد مِنْهُمَا زوج صَاحبه، وَذَلِكَ السَّمَاء وَالْأَرْض، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، وَالشَّمْس وَالْقَمَر، وَالْجنَّة وَالنَّار، وَمَا أشبه ذَلِك. وَكَذَلِكَ مَا يعود إِلَى


الصفحة التالية
Icon