﴿نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون (٢٣) قَالَ أَو لَو جِئتُكُمْ بأهدى مِمَّا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم قَالُوا إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون (٢٤) فانتقمنا مِنْهُم فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين (٢٥) وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَقَومه إِنَّنِي برَاء مِمَّا تَعْبدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فطرني فَإِنَّهُ سيهدين (٢٧) وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عقبه﴾ أَي: متنعموها. وَوجه الْإِنْكَار أَن الرفه مَنعهم عَن طلب الْحق.
وَقَوله: ﴿إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَفِي الْآيَتَيْنِ دَلِيل على ذمّ التَّقْلِيد وَالرُّجُوع إِلَى قَول الْآبَاء من غير حجَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ أَو لَو جِئتُكُمْ بأهدى مِمَّا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم﴾ مَعْنَاهُ: أتتبعون مَا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم وَإِن جِئتُكُمْ بأهدى مِنْهُ.
وَقَوله: ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون﴾ أَي: جاحدون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فانتقمنا مِنْهُم﴾ أَي: بالإهلاك والعقوبة.
وَقَوله: ﴿فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين﴾ أَي: الجاحدين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَقَومه إِنَّنِي برَاء مِمَّا تَعْبدُونَ﴾ وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " بَرِيء " فَقَوله: ﴿برَاء﴾ بِمَعْنى قَوْله: " بَرِيء "، وَيُقَال: إِنَّه لُغَة اهل الْحجاز يَعْنِي قَوْله: ﴿برَاء﴾ وَهُوَ مِمَّا لَا يثنى وَلَا يجمع.
وَقَوله: ﴿إِلَّا الَّذِي فطرني﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه على حَقِيقَة الِاسْتِثْنَاء إِلَّا أَنهم كَانُوا يعْبدُونَ الله وَمَا دونه، فيستقيم الِاسْتِثْنَاء على هَذَا. وَالثَّانِي: أَنه اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: لَكِن لذِي فطرني أَي: جعلني ﴿فَإِنَّهُ سيهدين﴾ أَي: يرشدني.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة﴾ قَالَ مُجَاهِد: هِيَ قَول لَا إِلَه إِلَّا الله. وَقَالَ قَتَادَة: هِيَ الْإِخْلَاص والتوحيد. وَعَن بَعضهم: أَن الْكَلِمَة هِيَ قَول إِبْرَاهِيم:


الصفحة التالية
Icon