﴿بل يُرِيد الْإِنْسَان ليفجر أَمَامه (٥) يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة (٦) فَإِذا برق الْبَصَر (٧) وَخسف الْقَمَر (٨) ﴾. نجْعَل أَصَابِعه بِمَنْزِلَة خف الْبَعِير وحافر الْحمار، وَهَذَا قَول مَشْهُور فِي التفاسير.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بل يُرِيد الْإِنْسَان ليفجر أَمَامه﴾ فِي التَّفْسِير: أَن مَعْنَاهُ: يقدم الذَّنب وَيُؤَخر التَّوْبَة.
وَهُوَ بِمَعْنى التسويف فِي ترك الْمعاصِي وَالتَّوْبَة إِلَى الله.
وروى عَليّ بن أبي طَلْحَة الْوَالِبِي عَن ابْن عَبَّاس أَن مَعْنَاهُ: هُوَ التَّكْذِيب بالقيامة، والفجور هُوَ الْميل عَن الْحق، والكاذب مائل عَن الصدْق فَهُوَ فَاجر.
وَحكى ابْن قُتَيْبَة أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى عمر - رَضِي الله - عَنهُ وَقَالَ: إِن بَعِيري قد دبر فَاحْمِلْنِي على بعير، فَلم يحملهُ عمر، فولى الْأَعرَابِي وَهُوَ يَقُول:
(أقسم بِاللَّه أَبُو حَفْص عمر... مَا مَسّه من نقب وَلَا دبر)
(اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ إِن كَانَ فجر... )
أَي: كذب.
قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يفجر أَمَامه﴾ أَي: يمْضِي أَمَامه رَاكِبًا هَوَاهُ لَا يفكر فِي ذَنْب، وَلَا يَتُوب عَن مَعْصِيّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة﴾ أَي: مَتى يَوْم الْقِيَامَة، وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك على وَجه الِاسْتِهْزَاء، وَهُوَ دَلِيل على صِحَة القَوْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا برق الْبَصَر﴾ وَقُرِئَ: " برق " بِالْفَتْح، فَقَوله: " برق الْبَصَر " أَي: شخص من الهول فَلم يطرف.
وَقَوله: " برق " أَي: تحير وجزع، وَيُقَال: غشيه مثل الْبَرْق.
وَقَوله: ﴿وَخسف الْقَمَر﴾ أَي: ذهب ضوءه.
وَمِنْه يُقَال: بِئْر منخسفة وَغير منخسفة.
وَعَن أبي حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ أَنه قَالَ: الْكُسُوف أَن يذهب بعض