﴿إِن علينا جمعه وقرآنه (١٧) فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه (١٨) ثمَّ إِن علينا بَيَانه (١٩) كلا بل تحبون العاجلة (٢٠) وتذرون الْآخِرَة (٢١) وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة (٢٢) إِلَى رَبهَا ناظرة (٢٣) ﴾. وَاخْتلف القَوْل أَن النَّبِي لماذا كَانَ يُحَرك لِسَانه؟ فأحد الْقَوْلَيْنِ: أَنه كَانَ يحركه مَخَافَة الانفلات لكيلا ينساه، وَهُوَ الْمَعْرُوف.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه كَانَ يُحَرك لِسَانه حبا للوحي، ذكره الضَّحَّاك.
وَقَوله: ﴿إِن علينا جمعه وقرآنه﴾ أَي: جمعه فِي صدرك.
و" قرآنه " أَي: نيسر قِرَاءَته عَلَيْك؛ فالقرآن هَاهُنَا بِمَعْنى الْقِرَاءَة.
وَقَالَ قَتَادَة: إِن علينا جمعه وقرآنه فِي صدرك وتآليفه على مَا أَنزَلْنَاهُ.
وَقَوله: ﴿فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه﴾ أَي: إِذا أَنزَلْنَاهُ فاستمع لَهُ.
وَيُقَال: إِذا قَرَأَهُ جِبْرِيل عَلَيْك فَاتبع قرآنه، وَقيل: فَاتبع قرآنه أَي: فَاتبع الْقُرْآن بِالْعَمَلِ بِهِ فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِن علينا بَيَانه﴾ أَي: علينا أَن نجمعه فِي صدرك لتبينه للنَّاس وتقرأه عَلَيْهِم، وَهُوَ مَذْكُور بِمَعْنى تيسير الْحِفْظ عَلَيْهِ وتسهيله بمعونة: الله تَعَالَى، وَقد كَانَ يلقى من الْحِفْظ شدَّة قبل ذَلِك، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة كَانَ إِذا قَرَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل أطرق، فَإِذا ذهب قَرَأَ كَمَا أنزل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الْآخِرَة﴾ هِيَ خطاب للْكفَّار؛ لأَنهم كَانُوا يعْملُونَ للدنيا وَلَا يعْملُونَ للآخرة، فَهَذَا هُوَ معنى الْآيَة.
وَقَوله: ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ قَوْله: ﴿ناضرة﴾ بالضاد أَي: مسرورة طَلْقَة هشة بشة.
والنضرة: هِيَ النِّعْمَة والبهجة فِي اللُّغَة.
وَقَوله: ﴿إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ هُوَ النّظر إِلَى الله تَعَالَى بالأعين، وَهُوَ ثَابت للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة بوعد الله تَعَالَى وبخبر الرَّسُول.


الصفحة التالية
Icon