﴿أولى لَك فَأولى (٣٤) ثمَّ أولى لَك فَأولى (٣٥) أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدى (٣٦) ألم يَك نُطْفَة من مني يمنى (٣٧) ﴾.
وَقَوله: ﴿أولى لَك فَأولى﴾ اخْتلف القَوْل فِي هَذِه اللَّفْظَة، فأحد الْأَقْوَال: أَن مَعْنَاهَا: الويل لَك ثمَّ الويل لَك.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهَا: وليك الْمَكْرُوه وقارب مِنْك، وَهَذَا قَول قَتَادَة وَجَمَاعَة.
وَالْقَوْل الثَّالِث: الذَّم أولى لَك، ثمَّ طرحت لفظ الذَّم للاستغناء عَنْهَا وَلِأَنَّهُ مَعْلُوم، ذكره عَليّ بن عِيسَى.
وَفِي التَّفْسِير: " أَن النَّبِي لَقِي أَبَا جهل وَهُوَ يخرج من بَاب بني مَخْزُوم يتبختر، فَأخذ بِيَدِهِ وهزه مرّة أَو مرَّتَيْنِ، ثمَّ قَالَ لَهُ: أولى لَك فَأولى، فَأخْبر الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن قَول الرَّسُول على مَا قَالَ "، وَهَذَا قَول حسن؛ لِأَن أولى فِي لُغَة الْعَرَب بِمَعْنى كَاد وهم، وَلَفْظَة كَاد بالخلق أليق؛ فَهُوَ حِكَايَة من الله تَعَالَى لقَوْل الرَّسُول.
وأنشدوا فِي كلمة أولى قَول الخنساء:
(هَمَمْت بنفسي بعض الهموم | فَأولى لنَفْسي أولى لَهَا) |
(سأحمل نَفسِي على آلَة | فإمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدا﴾ أَي: مهملا لَا يُؤمر وَلَا ينْهَى.
قَالَه مُجَاهِد.
وَقيل: لَا يبْعَث وَلَا يُحَاسب وَلَا يُعَاقب، قَالَ الشَّاعِر:
(فأقسم بِاللَّه جهد الْيَمين | مَا ترك الله شَيْئا سدى) |