﴿فامشوا فِي مناكبها وكلوا من رزقه وَإِلَيْهِ النشور (١٥) أأمنتم من فِي السَّمَاء أَن يخسف بكم الأَرْض فَإِذا هِيَ تمور (١٦) أم أمنتم من فِي السَّمَاء أَن يُرْسل عَلَيْكُم حاصبا فستعلمون كَيفَ نَذِير (١٧) وَلَقَد كذب الَّذين من قبلهم فَكيف كَانَ نَكِير (١٨) أولم يرَوا إِلَى الطير فَوْقهم صافات ويقبضن مَا يمسكهن إِلَّا الرَّحْمَن إِنَّه بِكُل شَيْء بَصِير﴾.
وَقَوله: ﴿وكلوا من رزقه وَإِلَيْهِ النشور﴾ أَي: فِي الْآخِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أأمنتم من فِي السَّمَاء﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس أَي: الله.
وَقَوله: ﴿أَن يخسف بكم الأَرْض فَإِذا هِيَ تمور﴾ أَي: تضطرب وتدور، وَيُقَال: تمور أَي: تخسف بكم حَتَّى تجعلكم فِي أَسْفَل الْأَرْضين، قَالَ الشَّاعِر:

(رمين فأقصدن الْقُلُوب وَلنْ ترى دَمًا مائرا إِلَّا جرى فِي الحيازم)
أَي: سَائِلًا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم أمنتم من فِي السَّمَاء﴾ أَي: أأمنتم ربكُم ﴿أَن يُرْسل عَلَيْكُم حاصبا﴾ أَي: ريحًا ذَات حَصْبَاء، وَيُقَال: حِجَارَة فيهلككم بهَا.
والحصباء الْحِجَارَة.
وَقَوله: ﴿فستعلمون كَيفَ نَذِير﴾ أَي: إنذاري، وَالْمعْنَى: كنت محقا فِي إنذاري إيَّاكُمْ الْعَذَاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد كذب الَّذين من قبلهم فيكف كَانَ نَكِير﴾ أَي: إنكاري.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أولم يرَوا إِلَى الطير فَوْقهم صافات﴾ يُقَال: صف الطير جنَاحه إِذا بَسطه، وَقَبضه إِذا ضربه، وَالْمرَاد من الْقَبْض: هُوَ ضرب الجناحين بالجنبين، وَهَذَا الْقَبْض والبسط فِي بعض الطُّيُور لَا فِي جَمِيع الطُّيُور، فَإِن بَعْضهَا يقبض بِكُل حَال، وَبَعضهَا يبسط تَارَة وَيقبض أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿مَا يمسكهن إِلَّا الرَّحْمَن﴾ يَعْنِي: مَا يمسكهن عَن الْوُقُوع إِلَّا الرَّحْمَن.
قَالُوا: والهواء للطير بِمَنْزِلَة المَاء للسابح، فَهُوَ يسبح فِي الْهَوَاء بجناحيه كَمَا يسبح الْإِنْسَان فِي المَاء بأطرافه.
وَقَوله: ﴿إِنَّه بِكُل شَيْء بَصِير﴾ أَي: عليم.


الصفحة التالية
Icon