﴿لَيْلًا طَويلا (٢٦) إِن هَؤُلَاءِ يحبونَ العاجلة ويذرون وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثقيلا (٢٧) نَحن خلقناهم وشددنا أسرهم وَإِذا شِئْنَا بدنا أمثالهم تبديلا (٢٨) إِن هَذِه تذكرة فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه سَبِيلا (٢٩) ﴾.
وَقَوله: ﴿وسبحه لَيْلًا طَويلا﴾ هُوَ التَّطَوُّع من بعد صَلَاة الْعشَاء الْأَخِيرَة إِلَى الصُّبْح، وَهَذَا على النّدب والاستحباب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن هَؤُلَاءِ يحبونَ العاجلة﴾ مَعْنَاهُ: إِن هَؤُلَاءِ الْكفَّار يحبونَ العاجلة أَي: الدُّنْيَا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ويذرون وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثقيلا﴾ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، وتركهم لَهُ هُوَ تَركهم الْعَمَل وَالسَّعْي لَهُ.
وَقَوله: ﴿ثقيلا﴾ يجوز أَن يكون سَمَّاهُ ثقيلا لشدَّة الهول والفزع فِيهِ، وَيجوز أَن يكون سَمَّاهُ ثقيلا لفصل الْقَضَاء فِيهِ بَين الْعباد وعدله مَعَهم، وَهُوَ فِي غَايَة الثّقل عَلَيْهِم إِلَّا من تَدَارُكه الله بفضله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿نَحن خَلَقْنَاكُمْ وشددنا أسرهم﴾ أَي: قوينا خلقهمْ.
وَقيل شددنا مفاصلهم.
وَقيل: هِيَ الأوصال فشددها بالعروق والأعصاب.
وَعَن مُجَاهِد: أَن الْأسر هُوَ الشرج، وَذَلِكَ مصر الْإِنْسَان (تسترخيان) عِنْد الْغَائِط ليسهل خُرُوج الْأَذَى، فَإِذا خرج انقبضا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا شِئْنَا بدلنا أمثالهم تبديلا﴾ أَي: أهلكناهم وخلقنا خلقا غَيرهم.
قَوْله: ﴿إِن هَذِه تذكرة﴾ أَي: الْآيَات الَّتِي أنزلناها تذكرة أَي: موعظة وعبرة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه سَبِيلا﴾ أَي: من شَاءَ مِنْكُم أَيهَا المخاطبون أَن يتَّخذ إِلَى ربه سَبِيلا فيسهل ذَلِك عَلَيْهِ لوُجُود الدَّلَائِل وَرفع الْأَعْذَار، فَلْيفْعَل.