﴿ألم نهلك الْأَوَّلين (١٦) ثمَّ نتبعهم الآخرين (١٧) كَذَلِك نَفْعل بالمجرمين (١٨) ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين (١٩) ألم نخلقكم من مَاء مهين (٢٠) فجعلناه فِي قَرَار مكين (٢١) إِلَى قدر مَعْلُوم (٢٢) فقدرنا فَنعم القادرون (٢٣) ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم نهلك الْأَوَّلين﴾ أَي: قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَمن قرب من زمانهم.
وَقَوله: ﴿ثمَّ نتبعهم الآخرين﴾ أَي: الَّذين كَانُوا بعد ذَلِك من فِرْعَوْن وهامان وَقَارُون وَمن بعدهمْ.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك نَفْعل بالمجرمين﴾ أَي: مُشْركي مَكَّة ننزل بهم مثل مَا نزل بهم، لأَنهم عمِلُوا مثل عَمَلهم.
وَقيل: " ثمَّ نتبعهم الآخرين " هم كفار قُرَيْش.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك نَفْعل بالمجرمين﴾ هم الَّذين يأْتونَ بعدهمْ من الْكفَّار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " ثمَّ سنتبعهم الآخرين " وَقَرَأَ الْأَعْرَج: " ثمَّ نتبعهم " بجزم الْعين.
وَقَوله: ﴿ألم نخلقكم من مَاء مهين﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة: ضَعِيف.
وَقَوله: ﴿فجعلناه فِي قَرَار مكين﴾ قَالَ عَطاء وَابْن جريج وَالربيع بن أنس: هُوَ الرَّحِم، وَالْمَاء المهين هُوَ النُّطْفَة.
وَقَوله: ﴿إِلَى قدر مَعْلُوم﴾ أَي: إِلَى وَقت مَعْلُوم، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى مُدَّة مكثه فِي الْبَطن فِي رحم الْأُم.
قَوْله: ﴿فقدرنا فَنعم القادرون﴾ وَقُرِئَ: " فَقَدَّرنا " بتَشْديد الدَّال.
قَالَ القتيبي: هما بِمَعْنى وَاحِد.
وَالْعرب تَقول: قَدَر وقَّدَّر.
وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ " أَي: قدرُوا لَهُ.
(وَقد اعْترض على هَذَا القَوْل، فَقيل: لَو كَانَ قَدرنَا