( ﴿١٩) أَمن هَذَا الَّذِي هُوَ جند لكم ينصركم من دون الرَّحْمَن إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور (٢٠) أَمن هَذَا الَّذِي يرزقكم إِن أمسك رزقه بل لجوا فِي عتو ونفور (٢١) أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه أهْدى أَمن يمشي سويا على صِرَاط مُسْتَقِيم (٢٢) ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَمن هَذَا الَّذِي هُوَ جند لكم ينصركم﴾ مَعْنَاهُ: أَيْن هَذَا الَّذِي هُوَ جند لكم يمنعكم من عَذَاب الله؟ وَهُوَ اسْتِفْهَام بِمَعْنى التوبيخ وَالْإِنْكَار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور﴾ أَي: مَا الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَمن هَذَا الَّذِي يرزقكم﴾ الْمَعْنى: أَن الله هُوَ الَّذِي يرزقكم إِن أمسك رزقه، فَمن ذَا الَّذِي يرزقكم سواهُ؟.
وَقَوله: ﴿بل لجوا فِي عتو ونفور﴾ العتو هُوَ التَّمَادِي فِي الْكفْر، والنفور هُوَ التباعد عَن الْحق.
وَيُقَال الْمَعْنى: أَن اللجاج حملهمْ على الْكفْر والنفور عَن الْحق، فَإِن الدَّلَائِل أظهر وَأبين من أَن تخفى على أحد، وَالْعرب تسمي كل سَفِيه متمرد متماد فِي الْبَاطِل عاتيا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه﴾ فِي الضَّلَالَة لَا يبصر الْحق.
وَيُقَال: مكبا على وَجهه أَي: لَا ينظر من بَين يَدَيْهِ وَلَا عَن يَمِينه وَلَا عَن يسَاره وَلَا من خَلفه.
وَقيل: إِن هَذَا فِي الْآخِرَة، فَإِن الله تَعَالَى يحْشر الْكفَّار على وُجُوههم على مَا نطق بِهِ الْقُرْآن فِي غير هَذَا الْموضع، وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " إِن الَّذِي قدر أَن يُمشيهمْ على أَرجُلهم قَادر على أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم ".
وَقَوله: ﴿أهْدى أَمن يمشي سويا على صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ أَي: يمشي فِي طَرِيق الْحق بِنور الْهدى.
وَيُقَال: ينظر من بَين يَدَيْهِ وَعَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَمن خَلفه.
وَقيل: هُوَ فِي الْآخِرَة.
وَعَن عِكْرِمَة قَالَ: قَوْله ﴿أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه﴾ هُوَ أَبُو جهل، وَقَوله: ﴿أم من يمشي سويا على صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ هُوَ عمار بن يَاسر.
وَحكى بَعضهم عَن ابْن عَبَّاس: أَنه حَمْزَة بن عبد الْمطلب وكنيته أَبُو عمَارَة.