﴿وأسقيناكم مَاء فراتا (٢٧) ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين (٢٨) انْطَلقُوا إِلَى مَا كُنْتُم بِهِ تكذبون (٢٩) انْطَلقُوا إِلَى ظلّ ذِي ثَلَاث شعب (٣٠) لَا ظَلِيل وَلَا يُغني من اللهب (٣١) ﴾.
(عطست بأنف شامخ وتناولت | يداي الثريا قَاعِدا غير قَائِم) |
وَقَوله:
﴿وأسقيناكم مَاء فراتا﴾ أَي: عذبا.
وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أصُول الْأَنْهَار العذبة أَرْبَعَة: جيحان وَهُوَ نهر بَلخ، ودجلة وفرات للكوفة، ونيل مصر.
وَذكر الْكَلْبِيّ أَن فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَة فِي الْجنَّة [الدجلة]، والفرات، ونهر الْأُرْدُن، وَأنْشد الشَّاعِر:
(إِذا غَابَ عَنَّا غَابَ فراتنا | وَإِن شهد إِحْدَى نبله وفواضله) |
قَوْله: ﴿انْطَلقُوا إِلَى مَا كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ فِي التَّفْسِير: أَن النَّاس يقفون على رُءُوس قُبُورهم أَرْبَعِينَ عَاما إِذا بعثوا، وتدنوا الشَّمْس من رُءُوسهم وَيُزَاد فِي حرهَا حَتَّى يَأْخُذهُمْ الكرب الْعَظِيم وَحَتَّى تَأْخُذ بِأَنْفَاسِهِمْ ثمَّ إِن الله تَعَالَى يُنجي الْمُؤمنِينَ إِلَى ظلّ من ظله برحمته، وَيبقى الْكفَّار فَيخرج لَهُم دُخان من النَّار ويتشعب ثَلَاث شعب فَيُقَال لَهُم: انْطَلقُوا إِلَى ذَلِك الدُّخان فاستظلوا بِهِ فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿انْطَلقُوا إِلَى مَا كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿مَا كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ لأَنهم كَانُوا يكذبُون بالنَّار.
وَهَذَا دُخان النَّار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿انْطَلقُوا إِلَى ظلّ ذِي ثَلَاث شعب﴾ فَهُوَ مَا ذكرنَا وَهُوَ بَيَان الأول.
وَقَوله: ( [لَا] ظَلِيل) الظل: حجاب عَال يدْفع أَذَى الْحر عَن الْإِنْسَان فَقَوله: ﴿لَا ظَلِيل﴾ أَي: لَا يدْفع الْأَذَى فَهُوَ فِي صُورَة ظلّ وَلَيْسَ لَهُ معنى الظل.
وَقَوله: ﴿وَلَا يُغني من اللهب﴾ أَي: لَا يدْفع عَنْهُم أَذَى اللهب، واللهب لَهب النَّار.
وَعَن قطرب قَالَ: اللهب هُوَ الْعَطش.
الصفحة التالية