﴿وَالْجِبَال أوتادا (٧) وخلقناكم أَزْوَاجًا (٨) وَجَعَلنَا نومكم سباتا (٩) وَجَعَلنَا اللَّيْل لباسا (١٠) ﴾. أَنه سحر أَو شعر أَو كهَانَة، فَذكر الله تَعَالَى الدَّلَائِل عَلَيْهِم فِي التَّوْحِيد، وَأَن مَا أنزلهُ حق وَصدق، وَعدد نعمه عَلَيْهِم، ليعترفوا بِهِ ويشكروه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مهادا﴾ أَي: بساطا وفراشا وَالنعْمَة فِي تذليلها وتوطئتها لَهُم.
وَقَوله: ﴿وَالْجِبَال أوتادا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: لما خلق الله تَعَالَى الأَرْض جعلت تكفأ - وحرك ابْن عَبَّاس يَده - فخلق الله الْجبَال وأرساها بهَا - أَي: أثبتها - فَهِيَ أوتاد الأَرْض، كَمَا يثبت الشَّيْء على الْحَائِط بالوتد.
وَقَوله: ﴿وخلقناكم أَزْوَاجًا﴾ أَي: أصنافا وَمَوْضِع النِّعْمَة هِيَ سُكُون بَعضهم إِلَى بعض، فالرجل وَالْمَرْأَة زوج، وَكَذَلِكَ السَّمَاء وَالْأَرْض، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، وَغير ذَلِك من الْخلق، وَقيل: أَزْوَاجًا أَي: متآلفين، تألفون أزواجكم، وتألفكم أزواجكم.
وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا نومكم سباتا﴾ قَالَ ثَعْلَب: قطعا لأعمالكم، وأصل السبات هُوَ التمدد والسكون.
وَالْمعْنَى: أَنهم ينقطعون عَن الْحَرَكَة بِاللَّيْلِ فيسكنون ويستريحون، وَقيل: سباتا أَي: رَاحَة.
وَقَالَ الشَّاعِر:

ومطوية (الأقتاب) أما نَهَارهَا فسبت وَأما لَيْلهَا فزميل)
أَي قطيع.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل لباسا﴾ أَي: سترا لكم، وَهُوَ مَذْكُور على طَرِيق الْمجَاز، وَوَجهه أَن ظلمَة اللَّيْل لما غشيت كل إِنْسَان كَمَا يَغْشَاهُ اللبَاس، سَمَّاهُ لباسا


الصفحة التالية
Icon