﴿للطاغين مآبا (٢٢) لابثين فِيهَا أحقابا (٢٣) لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا (٢٤) ﴾.
وَقَوله: ﴿لابثين فِيهَا أحقابا﴾ الحقبة فِي اللُّغَة قِطْعَة من الزَّمَان مثل الْحِين.
قَالَ متمم بن نُوَيْرَة يرثي أَخَاهُ مَالِكًا:
(وَكُنَّا كندماني جذيمة حقبة | من الدَّهْر حَتَّى قيل لن يتصدعا) |
وَعَن بَعضهم: أَنه ثلثمِائة سنة، كل سنة ثلثمِائة وَسِتُّونَ يَوْمًا، كل يَوْم مثل مُدَّة الدُّنْيَا، وَعَن بَعضهم: بضع وَثَمَانُونَ عَاما، فَإِن قيل: هَذِه الْآيَة تدل على أَن عَذَاب الْكفَّار يَنْقَطِع عِنْد مُضِيّ الأحقاب؟ وَالْجَوَاب من وُجُوه: (أَحدهَا) : أَن مَعْنَاهُ لابثين فِيهَا أحقابا لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا أَي: يُعَذبُونَ بِهَذَا النَّوْع من الْعَذَاب أحقابا، وَثمّ أحقاب أخر لسَائِر أَنْوَاع الْعَذَاب، قَالَه الْمبرد.
وَالْوَجْه الثَّانِي: وَهُوَ أَن معنى لابثين فِيهَا أحقابا لَا تخبو عَنْهُم النَّار، فَإِذا خبت النَّار وزيدوا سعيرا لَبِثُوا أبدا وَالْوَجْه الثَّالِث: مَا قَالَه ابْن كيسَان، وَهُوَ أَن مَعْنَاهُ لابثين فِيهَا أحقابا إِلَى أحقاب لَا تَنْقَطِع أبدا.
قَالَ النّحاس: وَهُوَ أبين الْأَقْوَال.
وَقَوله: ﴿لَا يذوقون فِيهَا بردا﴾ قَالَ ثَعْلَب، نوما، وَتقول الْعَرَب: منع الْبرد، وَالْبرد أَي: نوم، وَقَالَ الشَّاعِر:
(فَإِن شِئْت حرمت النِّسَاء سواكم | وَإِن شِئْت لم أطْعم نقاخا وَلَا بردا) |
وَقَوله: ﴿وَلَا شرابًا﴾ أَي: لَا يسكن مِنْهُم الْعَطش.