( ﴿٣٦) رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الرَّحْمَن لَا يملكُونَ مِنْهُ خطابا (٣٧) يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا (٣٨) ذَلِك الْيَوْم الْحق﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الرَّحْمَن﴾ كِلَاهُمَا بِالرَّفْع، وَقُرِئَ: " رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الرَّحْمَن " الأول بِالْجَرِّ، وَالْآخر بِالرَّفْع.
وَقُرِئَ كِلَاهُمَا بِالْكَسْرِ: " رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الرَّحْمَن " فَوجه الْقِرَاءَة الأولى أَن قَوْله: ﴿رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ رفع بِالِابْتِدَاءِ والرحمن خَبره، وَوجه الْقِرَاءَة الثَّانِيَة أَن قَوْله: ﴿رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ مخفوض اتبَاعا لقَوْله: ﴿من رَبك﴾ وَقَوله: ﴿الرَّحْمَن﴾ ابْتِدَاء، وَوجه الْقِرَاءَة الثَّالِثَة، أَن كليهمَا مخفوض اتبَاعا لقَوْله: ﴿من رَبك﴾.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿لَا يملكُونَ مِنْهُ خطابا﴾ أَي: لَا يَتَكَلَّمُونَ مَعَ الله، وَيمْنَعُونَ من الْكَلَام مَعَه، وَقيل: لَا يملكُونَ مِنْهُ خطابا أَي: لَا يشفعون لأحد إِلَّا بِإِذْنِهِ، على مَا قَالَ من بعد
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يقوم الرّوح﴾ قَالَ مُجَاهِد: الرّوح خلق يشبهون بني آدم، وَلَيْسوا بني آدم، وَقيل: هُوَ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَقيل: هُوَ خلق من خلق الله لم يخلق بعد الْعَرْش أعظم مِنْهُ يقوم يَوْم الْقِيَامَة صفا وَجَمِيع الْمَلَائِكَة صفا، وَقيل: صفا، أَي: صُفُوفا وَمَوْضِع صَلَاة العَبْد يُسمى صفا، لِأَنَّهُ مَوضِع الصُّفُوف.
وَقَوله: ﴿لَا يَتَكَلَّمُونَ﴾ أَي: لَا يشفعون، أَي: الْمَلَائِكَة وَقيل: لَا يَتَكَلَّمُونَ مُطلقًا.
قَوْله: ﴿إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن﴾ أَي: بالشفاعة وَالْكَلَام.
وَقَوله: ﴿وَقَالَ صَوَابا﴾ أَي: حَقًا، وَقيل: هُوَ لَا إِلَه إِلَّا الله، وَالْمعْنَى: أَنهم لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا بِالْإِذْنِ أَو كلَاما صَوَابا، وَهُوَ لَا إِلَه إِلَّا الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك الْيَوْم الْحق﴾ أَي: الْقِيَامَة هُوَ الْيَوْم الْحق، وَمعنى الْحق هَاهُنَا: أَنه