﴿أئنا لمردودون فِي الحافرة (١٠) أءذا كُنَّا عظاما نخرة (١١) قَالُوا تِلْكَ إِذا كرة خاسرة (١٢) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة (١٣) فَإِذا هم بالساهرة (١٤) ﴾. لمردودون فِي الحافرة) أَي: إِلَى أول أمرنَا، وَالْمعْنَى: أنرد أَحيَاء بعد أَن متْنا على طَرِيق الْإِنْكَار، يُقَال: رَجَعَ فلَان على حافرته إِذا رَجَعَ من حَيْثُ جَاءَ.
الْعَرَب تَقول: النَّقْد عِنْد الحافرة أَي: عِنْد أول كلمة، أَي: فِي السّوم.
وَقَالَ الشَّاعِر:

(أحافرة على صلع وشيب معَاذ الله من سفه وعار)
وَقَالَ السّديّ: ﴿أئنا لمردودون فِي الحافرة﴾ أَي: إِلَى الْحَيَاة، وَهُوَ على مَا قُلْنَا وَقيل: إِلَى النَّار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أئذا كُنَّا عظاما نخرة﴾ وَقُرِئَ: " ناخرة "، قَالَ الْفراء: هما وَاحِدَة، وَهِي البالية الفانية.
وَعَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء: أَن النخرة هِيَ الَّتِي قد بليت، والناخرة هِيَ الَّتِي لم تبل بعد، وَعَن وَكِيع قَالَ: هِيَ الَّتِي تدخل الرّيح فِي جوفها فتنخر، وَهُوَ مَنْقُول أَيْضا عَن أهل اللُّغَة.
وَقَوله: ﴿قَالُوا تِلْكَ إِذا كرة خاسرة﴾ أَي: رَجْعَة ذَات خسران، وَالْمعْنَى: أَنا نَكُون فِي خسار إِن رَجعْنَا، وَيجوز أَن يكون المُرَاد أَنهم يخسرون إِذا رجعُوا.
وَعَن الْحسن قَالَ: خاسرة أَي: كَاذِبَة يَعْنِي: لَيست بكائنة.
وَقَوله: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة﴾ هُوَ إِخْبَار عَن سهولة الْأَمر على الله فِي الْفَهم، والزجرة: الصحية.
وَقَوله: ﴿فَإِذا هم بالساهرة﴾ القَوْل الْمَعْرُوف أَنَّهَا وَجه الأَرْض يَعْنِي: أَنهم يخرجُون من بَطنهَا إِلَى ظهرهَا، وَسميت الأَرْض ساهرة، لِأَن عَلَيْهَا سهر الْخلق ونومهم، وَقَالَ النَّخعِيّ " فَإِذا هم بالساهرة " أَي: فَوق الأَرْض.
وَعَن وهب بن مُنَبّه أَنه قَالَ: الساهرة جبل بِجنب بَيت الْمُقَدّس، قَالَ الشَّاعِر فِي الساهرة:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(فَإِنَّمَا قصرك ترب الساهرة ثمَّ تعود بعْدهَا فِي الحافرة)