﴿رفع سمكها فسواها (٢٨) وأغطش لَيْلهَا وَأخرج ضحاها (٢٩) وَالْأَرْض بعد ذَلِك﴾. خلقا أم السَّمَاء؟ وَتمّ الْكَلَام ثمَّ قَالَ: ﴿بناها﴾ أَي: بناها الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿رفع سمكها فسواها﴾ هُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿هَل ترى من فطور﴾ أَي: من شقوق وفروج، وَقيل: معنى التَّسْوِيَة هَاهُنَا هُوَ أَنه لَيْسَ بَعْضهَا أرفع من بعض وَلَا أَخفض من بعض، والسمك الِارْتفَاع.
وَقَوله: ﴿وأغطش لَيْلهَا وَأخرج ضحاها﴾ أَي: أظلم لَيْلهَا.
وَقَوله: ﴿وَأخرج ضحاها﴾ أَي: أبرز نَهَارهَا، وَقيل: أظهر ضوءها، وأضاف الظلمَة والضوء إِلَى السَّمَاء لِأَنَّهُمَا يظهران من جَانب السَّمَاء عِنْد طُلُوع الشَّمْس وغروبها
﴿وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها﴾ أَي: بسطها.
قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت:
(وَبث الْخلق فِيهَا إِذْ دحاها | فهم قطانها حَتَّى التنادي) |
(أسلمت بوجهي لمن أسلمت | لَهُ الأَرْض تحمل صخرا ثقالا) |
دحاها فَلَمَّا اسْتَوَت شدها | وأرسى عَلَيْهَا جبالا) |
وَفِي الْأَثر عَن ابْن عَبَّاس: أَنه لم يكن إِلَّا الْعَرْش وَالْمَاء، فخلق على المَاء حجرا كالفهر، ثمَّ خلق عَلَيْهِ دخانا ملتصقا بِهِ، ثمَّ خلق موجا على المَاء، ثمَّ رفع الدُّخان من الْحجر، وَخلق من الْحجر الأَرْض، وَمن الدُّخان السَّمَاء، وَمن الموج الْجبَال.