﴿دحاها (٣٠) أخرج مِنْهَا ماءها ومرعاها (٣١) وَالْجِبَال أرساها (٣٢) مَتَاعا لكم ولأنعامكم (٣٣) فَإِذا جَاءَت الطامة الْكُبْرَى (٣٤) يَوْم يتَذَكَّر الْإِنْسَان مَا سعى (٣٥) وبرزت الْجَحِيم لمن يرى (٣٦) فَأَما من طَغى (٣٧) وآثر الْحَيَاة الدُّنْيَا (٣٨) فَإِن الْجَحِيم هِيَ المأوى (٣٩) ﴾.
وَقَوله: ﴿أخرج مِنْهَا ماءها ومرعاها﴾ أَي: أخرج من الأَرْض المَاء لحياة النُّفُوس، والمرعى للأنعام.
وَقَوله: ﴿وَالْجِبَال أرساها﴾ أَي: أثبتها.
وَقَوله: ﴿مَتَاعا لكم﴾ أَي: إمتاعا لكم ﴿ولأنعامكم﴾ وَإِنَّمَا انتصب لِأَن مَعْنَاهُ: للإمتاع، ثمَّ نزعت اللَّام الخافضة فانتصب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا جَاءَت الطامة الْكُبْرَى﴾ الطامة فِي اللُّغَة: هِيَ الداهية الْعَظِيمَة، وَقيل: هِيَ الْأَمر الَّذِي لَا يُسْتَطَاع وَلَا يُطَاق، يُقَال: طم الْوَادي إِذا جَاءَ مِنْهُ مَا لَا يُطَاق وَعلا كل شَيْء، وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن الطامة اسْم الْقِيَامَة، وَسميت الْقِيَامَة طامة؛ لِأَنَّهَا تطم كل شَيْء أَي: فَوق كل شَيْء.
وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " مَا من طامة إِلَّا وفوقها طامة " وَهُوَ خبر غَرِيب.
وَقَوله: ﴿يَوْم يتَذَكَّر الْإِنْسَان مَا سعى﴾ أَي: يذكر.
قَوْله: ﴿وبرزت الْجَحِيم لمن يرى﴾ وَفِي التَّفْسِير: أَن الْحِكْمَة فِي إِظْهَار الْجَحِيم مُشَاهدَة الْكفَّار مَكَان عقوبتهم، وليعلم الْمُؤْمِنُونَ من أَي عَذَاب نَجوا.
وَقَوله: ﴿فَأَما من طَغى وآثر الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: على الْآخِرَة.
وَحكى أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره عَن حُذَيْفَة: أَن من أكل على مائدة ثَلَاثَة ألوان من الطَّعَام، فقد آثر الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَأورد فِي خبر مَرْفُوع أَن النَّبِي قَالَ: " من آثر الْحَيَاة الدُّنْيَا على الْآخِرَة شتت الله عَلَيْهِ همه، ثمَّ لم يبال بأيها هلك ".
وَقَوله: ﴿فَإِن الْجَحِيم هِيَ المأوى﴾ أَي: مَأْوَاه الْجَحِيم، وَهُوَ مُعظم النَّار.