﴿وَأما من خَافَ مقَام ربه وَنهى النَّفس عَن الْهوى (٤٠) فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى (٤١) يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها (٤٢) فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبك مُنْتَهَاهَا (٤٤) إِنَّمَا أَنْت مُنْذر من يخشاها (٤٥) ﴾.
وَقَوله: ﴿وَأما من خَافَ مقَام ربه﴾ أَي: قِيَامه عِنْد ربه لِلْحسابِ.
وَقَوله: ﴿وَنهى النَّفس عَن الْهوى﴾ أَي: عَمَّا هَوَاهُ ويشتهيه على خلاف الشَّرْع.
وَقَوله: ﴿فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى﴾ أَي: منزلَة ومأواه الْجنَّة، وَفِي بعض التفاسير: أَن الْآيَة الأولى نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث وَأُميَّة بن خلف وَعقبَة وَعتبَة ابْني أبي لَهب وَجَمَاعَة، وَالْآيَة الثَّانِيَة نزلت فِي مُصعب بن عُمَيْر، وَكَانَ قد وقِي رَسُول الله بِنَفسِهِ يَوْم أحد حَتَّى دخلت المشاقص فِي جَوْفه، وَاسْتشْهدَ فِي ذَلِك الْيَوْم، وَكَانَ صَاحب لِوَاء الْمُهَاجِرين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها﴾ أَي: مَتى قِيَامهَا؟ وَمرْسَاهَا: مُنْتَهَاهَا، وَالْمعْنَى عَن ماهيتها.
وَقَوله: ﴿فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا﴾ أَي: مَالك وَمَعْرِفَة وَقت قيام السَّاعَة؟ وَفِي بعض التفاسير: " أَن النَّبِي كَانَ يسْأَل كثيرا جِبْرِيل مَتى السَّاعَة، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، ارتدع وكف وَلم يسْأَل بعد ذَلِك " وَهُوَ مثل قَول الْقَائِل لغيره: مَالك وَهَذَا الْأَمر؟ وَفِيه زجر إِيَّاه عَن السُّؤَال.
قَوْله: ﴿إِلَى رَبك مُنْتَهَاهَا﴾ أَي: مُنْتَهى علم قِيَامهَا، وَقيل مَعْنَاهُ: أَن كل من يسْأَل عَنهُ يَقُول: الله أعلم، فَيرد علمهَا إِلَى الله.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا أَنْت مُنْذر من يخشاها﴾ أَي: تنذر بِعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة من يخْشَى الْقِيَامَة.