﴿وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى (٣) أَو يذكر فتنفعه الذكرى (٤) أما من اسْتغنى (٥) فَأَنت لَهُ تصدى (٦) وَمَا عَلَيْك أَلا يزكّى (٧) وَأما من جَاءَك يسْعَى (٨) وَهُوَ يخْشَى (٩) ﴾.
وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَن الَّذِي كَانَ يكلمهُ ويدعوه إِلَى الْإِسْلَام كَانَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، فَلَمَّا دخل ابْن أم مَكْتُوم فِي خطابه، وَجعل يُكَرر عَلَيْهِ قَوْله: عَلمنِي أَرْشدنِي، كره رَسُول الله ذَلِك حَتَّى ظَهرت الْكَرَاهَة فِي وَجهه، وَعَبس وَأعْرض عَنهُ، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة معاتبا لَهُ فِيمَا فعله.
وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَامَ وَذهب.
وَقَوله: ﴿وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى﴾ أَي: يتزكى، وَالْمرَاد مِنْهُ ابْن أم مَكْتُوم.
وَقَوله: ﴿يزكّى﴾ أَي: يقبل مَا تذكره بِهِ وتعلمه، وَقيل: يتَطَهَّر.
وَقَوله: ﴿أَو يذكر﴾ مَعْنَاهُ: أَو يتَذَكَّر.
وَقَوله: ﴿فتنفعه الذكرى﴾ أَي: تَنْفَعهُ التَّذْكِرَة والعظة.
وَالْمعْنَى: أَنَّك تعرض عَنهُ إِعْرَاض من لَا يَنْفَعهُ تَعْلِيمه وتذكيره، وَلَا تَدْرِي لَعَلَّه يَنْفَعهُ التَّعْلِيم والتذكير، فَعَلَيْك أَن تعلمه وتذكره.
وَقَوله: ﴿أما من اسْتغنى﴾ يَعْنِي: من أظهر الِاسْتِغْنَاء عَنْك.
وَقَوله: ﴿فَأَنت لَهُ تصدى﴾ أَي: تتعرض وَتقبل عَلَيْهِ، وَقيل: إِن أَصله تصدد فقلبت إِحْدَى الدالين يَاء.
قَوْله: ﴿وَمَا عَلَيْك أَلا يزكّى﴾ أَي: وَمَا عَلَيْك أَلا يسلم، وَالْمعْنَى أَنه لَو لم يسلم ذَلِك الَّذِي أَقبلت عَلَيْهِ، لم يكن عَلَيْك من ذَلِك شَيْء.
وَقَوله: ﴿وَأما من جَاءَك يسْعَى﴾ أَي: يطْلب الْخَيْر.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ يخْشَى﴾ أَي: يخَاف الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿فَأَنت عَنهُ تلهى﴾ أَي: تعرض، وَقيل: تشتغل عَنهُ بِغَيْرِهِ.
وَمن هَذَا مَا