﴿كلا لما يقْض مَا أمره (٢٣) فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه (٢٤) أَنا صببنا المَاء صبا (٢٥) ثمَّ شققنا الأَرْض شقا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا (٢٧) ﴾.
وَقَوله: ﴿كلا لما يقْض مَا أمره﴾ يَعْنِي: لم يفعل مَا أمره الله تَعَالَى.
قَالَ مُجَاهِد: لَيْسَ أحد من الْخلق يفعل كل مَا أمره الله تَعَالَى.
وَعَن ابْن عَبَّاس: ﴿كلا لما يقْض مَا أمره﴾ أَي: مَا أَخذ عَلَيْهِ من الْعَهْد يَوْم الْمِيثَاق.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه﴾ أَي: فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى الطَّعَام والعلف الَّذِي خلقه الله تَعَالَى لحياة الْخلق، وَعَن ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه أَي: إِلَى مَا يخرج مِنْهُ كَيفَ انْقَلب من الطّيب إِلَى الْخَبيث.
وَعَن الْحسن: أَن الله تَعَالَى وكل ملكا فَإِذا جلس الْإِنْسَان على حَاجته ثنى رقبته لينْظر إِلَى مَا يخرج مِنْهُ ذكره النقاش.
وَأورد أَيْضا: أَن أَبَا الْأسود الدؤَلِي سَأَلَ عمرَان بن الْحصين لم ينظر الْإِنْسَان إِلَى مَا يخرج مِنْهُ؟ فَلم يدر عمرَان مَا يجِيبه بِهِ، ثمَّ ذهب عمرَان إِلَى الْمَدِينَة، فَذكر ذَلِك لأبي بن كَعْب فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة: ﴿فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه﴾ ثمَّ قَالَ: ينظر ليعلم إِلَى مَا صَار مَا بخل بِهِ.
وَقَوله: ﴿أَنا صببنا المَاء صبا﴾ قرئَ بِكَسْر الْألف وَفتحهَا؛ فَقَوله بِالْكَسْرِ " إِنَّا " على الِابْتِدَاء، وَقَوله: ﴿أَنا﴾ بِالْفَتْح مَنْصُوب على الْبَدَل من الطَّعَام كَأَنَّهُ قَالَ: فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى أَنا صببنا، ذكره الْفراء.
وَقيل مَعْنَاهُ: فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه لأَنا صببنا.
وَقَوله: ﴿صببنا المَاء صبا﴾ أَي: أجريناه إِجْرَاء.
وَقَوله: ﴿ثمَّ شققنا الأَرْض شقا﴾ أَي: بِخُرُوج النَّبَات.
وَقَوله: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا﴾ هُوَ الْبر وَالشعِير، وكل مَا هُوَ قوت النَّاس.
وَقَوله: ﴿وَعِنَبًا﴾ هُوَ الْعِنَب الْمَعْرُوف.
وَقَوله: ﴿وَقَضْبًا﴾ هُوَ القت بلغَة أهل مَكَّة، وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ الرّطبَة - وَهُوَ


الصفحة التالية
Icon