﴿يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه (٣٤) وَأمه وَأَبِيهِ (٣٥) وصاحبته وبنيه (٣٦) لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه (٣٧) وُجُوه يَوْمئِذٍ مسفرة (٣٨) ﴾.
قَالَ الشَّاعِر:

(يَا جارتي هَل لَك أَن تجالدي جلادة كالصخ بالجلامد)
أَي: كالصك، وَقيل: إِن الصاخة صَيْحَة إسْرَافيل تصك الأسماع، وَعَن بَعضهم: أَن الصاخة مَا يصخ لَهُ كل شَيْء أَي: ينصت يُقَال: رجل أصخ أَي أَصمّ.
وَقَوله: ﴿يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ وصاحبته وبنيه﴾ يفر مِنْهُم لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ أَن يَنْفَعهُمْ وَينْتَفع بهم.
قيل: يفر لِئَلَّا يرَوا الهوان الَّذِي ينزل فِيهِ، وَقيل: يفر مِنْهُم ضجرا لعظم مَا هُوَ فِيهِ، وَفِي بعض التفاسير: أَن قَوْله: ﴿من أَخِيه﴾ قابيل من هابيل.
وَقَوله: ﴿وَأمه﴾ هُوَ الرَّسُول من أمه.
وَقَوله: ﴿وَأَبِيهِ﴾ هُوَ إِبْرَاهِيم - صلوَات الله عَلَيْهِ - من أَبِيه.
وَقَوله: ﴿وصاحبته﴾ هُوَ لوط - عَلَيْهِ السَّلَام - من زَوجته.
وَقَوله: ﴿وبنيه﴾ هُوَ آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - من بنيه المفسدين، وَقيل: هُوَ نوح - عَلَيْهِ السَّلَام - من ابْنه.
وَقَوله: ﴿لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه﴾ أَي: شَيْء يَكْفِيهِ ويشغله، وَقَالَ القتيبي: شَيْء يصرفهُ عَن غَيره، والشأن: هُوَ الْأَمر الْعَظِيم، يُقَال: فلَان فِي شَأْن، أَي: فِي أَمر عَظِيم.
وَقُرِئَ فِي الشاذ: " يعنيه " من عَنى يَعْنِي بِالْعينِ غير مُعْجمَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ مسفرة﴾ أَي: [ذَات] فرحة مسرورة، وَقيل: نيرة، وَقيل: هُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم تبيض وُجُوه﴾ أَي: وُجُوه يَوْمئِذٍ تبيض.


الصفحة التالية
Icon