﴿وَإِذا الْجبَال سيرت (٣) وَإِذا العشار عطلت (٤) وَإِذا الوحوش حشرت (٥) وَإِذا الْبحار سجرت (٦) ﴾. يَوْم الْقِيَامَة تساقطت السلَاسِل من أَيدي الْمَلَائِكَة، وانتثرت النُّجُوم.
وروى أَن أهل الْأَرْضين يسمعُونَ إدة عَظِيمَة من وُقُوع النُّجُوم على الأَرْض.
وَقَوله: ﴿وَإِذا الْجبَال سيرت﴾ أَي: سيرت وَكَانَت سرابا، وَقيل: دقَّتْ دقا، وَصَارَت بِمَنْزِلَة الهباء، وَالْآيَة فِي معنى قَوْله تَعَالَى ﴿وَترى الْجبَال تحسبها جامدة وَهِي تمر مر السَّحَاب﴾.
وَقَوله: ﴿وَإِذا العشار عطلت﴾ العشار وَاحِدهَا عشراء، وَهِي النَّاقة الَّتِي أَتَت عشرَة أشهر على حملهَا، وَهِي أحسن مَا يكون من النوق، وأعزها على أَرْبَابهَا، وتعطيلها إهمالها وَتركهَا بِلَا رَاع يرعاها، وَلَا يفعل ذَلِك إِلَّا يَوْم الْقِيَامَة، وَالْمعْنَى: أَن كل إِنْسَان يشْتَغل بِنَفسِهِ عَن كل شَيْء، وَإِن كَانَ عَزِيزًا عِنْده.
وَقَوله: ﴿وَإِذا الوحوش حشرت﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الْمَعْنى مَاتَت، والحشر هُوَ الْجمع، فَكَأَنَّهَا جمعت فِي الْمَوْت، وَالْقَوْل الثَّانِي: وَهُوَ الْأَظْهر أَن حشرها إحياؤها يَوْم الْقِيَامَة.
وَقد ورد فِي الْخَبَر الْمَشْهُور عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " يقْتَصّ للجماء من القرناء ".
وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يحْشر كل شَيْء حَتَّى الذُّبَاب.
وَقَوله: ﴿وَإِذا الْبحار سجرت﴾ قَالَ الْحسن: يَبِسَتْ، وَعنهُ أَنه قَالَ: فاضت أَي: أَدخل بَعْضهَا فِي بعض.
وَعَن كَعْب الْأَحْبَار سجرت أَي: ملئت نَارا.
وَقَالَ شمر بن عَطِيَّة: تسجر كَمَا يسجر التَّنور.