﴿يُقَال هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون (١٧) كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين (١٨) وَمَا أَدْرَاك مَا عليون (١٩) كتاب مرقوم (٢٠) يشهده المقربون (٢١) إِن الْأَبْرَار لفي نعيم (٢٢) على الأرائك ينظرُونَ (٢٣) تعرف فِي وُجُوههم نَضرة النَّعيم﴾. رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون) فِي حق الْكفَّار عُقُوبَة لَهُم، فَلَو قُلْنَا: إِن الْمُؤمنِينَ يحجبون، لم يَصح عُقُوبَة الْكفَّار بِهِ.
وَقد ذكر الْكَلْبِيّ فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة: أَن الْمُؤمنِينَ يرونه فِي الْجنَّة، ويحجب الْكفَّار.
وَعَن الْحُسَيْن بن الْفضل قَالَ: كَمَا حجبهم فِي الدُّنْيَا عَن توحيده، كَذَلِك فِي الْآخِرَة عَن رُؤْيَته.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِنَّهُم لصالوا الْجَحِيم﴾ أَي: لداخلوا الْجَحِيم.
وَقَوله: ﴿ثمَّ يُقَال هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ يُقَال لَهُم ذَلِك على طَرِيق التوبيخ وَالتَّعْبِير.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين﴾ قَالَ الْفراء: ارْتِفَاع بعد ارْتِفَاع.
وَقَالَ كَعْب: يقبض روح الْمُؤمن فيصعد بِهِ إِلَى السَّمَاء، فتتلقاه الْمَلَائِكَة إِلَى أَن تبلغ السَّمَاء السَّابِعَة، فَيُوضَع تَحت الْعَرْش.
يُقَال: إِن الْكتاب هُوَ كتاب الْأَعْمَال، وَقد بَينا أَنه أظهر الْقَوْلَيْنِ، وَالْمعْنَى: أَنه يوضع فِي أَعلَى الْأَمْكِنَة إِظْهَارًا لخسة عمل الْفجار.
وَقَوله: ﴿وَمَا أَدْرَاك مَا عليون﴾ قَالَ الزّجاج: لم يدر حَتَّى أعلمهُ الله.
وَقَوله: ﴿كتاب مرقوم يشهده المقربون﴾ أَي كتاب مَكْتُوب، أَو كتاب عَلَيْهِ عَلامَة الْقبُول، يشهده الْمَلَائِكَة، وَقيل: يشهده مقربو كل سَمَاء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الْأَبْرَار لفي نعيم﴾ أَي: فِي نعيم الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿على الأرائك ينظرُونَ﴾ الأرائك جمع أريكة، وَهِي السرر فِي الحجال كَمَا بَينا.
وَقَوله: ﴿تعرف فِي وُجُوههم نَضرة النَّعيم﴾ أَي: بهجة النَّعيم وحسنها.
وَهُوَ


الصفحة التالية
Icon