﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتخلت (٤) وأذنت لِرَبِّهَا وحقت (٥) يَا أَيهَا الْإِنْسَان إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحا فملاقيه (٦) ﴾. دخل فِي جوفها، وَقيل: زيد فِي سعتها لتسعهم.
وَعَن بَعضهم: غيرت عَن هيئتها بالتبديل، وَغير ذَلِك، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿مدت﴾.
وَقَوله: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتخلت﴾ أَي: وَأَلْقَتْ مَا فِي جوفها، من الْكُنُوز والموتى فخلى جوفها، وَيُقَال: أَلْقَت بِمَا اسْتوْدعت، وتخلت عَمَّا استحفظت، وَكَأَنَّهَا أَلْقَت مَا على ظهرهَا، وتخلت عَمَّا فِي جوفها.
وَقَوله: ﴿وأذنت لِرَبِّهَا وحقت﴾ قد بَينا.
فَإِن قيل: أَيْن جَوَاب قَوْله: ﴿إِذا السَّمَاء انشقت﴾ وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَابا؟ وَالْجَوَاب من وُجُوه: قَالَ الْفراء: جَوَابه مَحْذُوف، وَالْمعْنَى: إِذا السَّمَاء انشقت وَكَانَ كَذَا، رأى كل إِنْسَان مَا وجد من الثَّوَاب وَالْعِقَاب، وَيُقَال: علم كل مُنكر للبعث أَنه كَانَ فِي ضَلَالَة وَخطأ.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْجَواب قَوْله: ﴿وأذنت﴾ وَالْوَاو زَائِدَة، فَالْجَوَاب: أَذِنت.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن الْجَواب قَوْله: ﴿فملاقيه﴾ أَي: يلقى عمله من خير وَشر.
وَالْوَجْه الرَّابِع: أَن فِي الْآيَة تَقْدِيمًا وتأخيرا، وَالْمعْنَى: يَا أَيهَا الْإِنْسَان إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحا فملاقيه إِذا السَّمَاء انشقت.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الْإِنْسَان إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحا فملاقيه﴾ قَالَ قَتَادَة: عَامل لِرَبِّك عملا.
والكدح هُوَ السَّعْي بتعب وَنصب.
قَالَ الشَّاعِر:
(وَمَضَت بشاشة كل عَيْش صَالح | وَبقيت أكدح للحياة وأنصب) |
وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول: يَا أَيهَا الرجل، وكلكم ذَلِك الرجل.