﴿الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالله على كل شَيْء شَهِيد (٩) إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ لم يتوبوا فَلهم عَذَاب جَهَنَّم وَلَهُم عَذَاب الْحَرِيق (١٠) إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار ذَلِك الْفَوْز الْكَبِير (١١) إِن بَطش رَبك لشديد (١٢) إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد (١٣) وَهُوَ الغفور﴾.
وَقَوله: ﴿الْعَزِيز الحميد﴾ أَي: الْغَالِب بقدرته، الحميد فِي أَفعاله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالله على كل شَيْء شَهِيد﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَالَ الزّجاج: وَالْمرَاد من الْآيَة أَن الله تَعَالَى ذكر قوما بلغت بصيرتهم فِي الدّين أَن خيروا بَين الْكفْر وَبَين الإحراق بالنَّار، فصبروا حَتَّى أحرقوا بالنَّار.
وَقد ورد فِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي قَالَ: " لَا تشرك بِاللَّه وَإِن قتلت وأحرقت ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات﴾ أَي: أحرقوا، يُقَال: فتنت الذَّهَب بالنَّار إِذا أدخلته فِيهَا، وَيُقَال: حرَّة فتين إِذا كَانَت سَوْدَاء كالمحترقة ﴿ثمَّ لم يتوبوا فَلهم عَذَاب جَهَنَّم وَلَهُم عَذَاب الْحَرِيق﴾ بكفرهم ونوعا من الْعَذَاب بإحراقهم الْمُؤمنِينَ.
وَعَن الرّبيع بن أنس: أَن النَّار الَّتِي أحرقوا الْمُؤمنِينَ فِيهَا ارْتَفَعت من الْأُخْدُود، فأحرقت الْملك وَأَصْحَابه، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿وَلَهُم عَذَاب الْحَرِيق﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار ذَلِك الْفَوْز الْكَبِير﴾ أَي: الْعَظِيم، وَهَذَا على مَا جرى أَمر الْقُرْآن، فَإِنَّهُ إِذا ذكر الْوَعْد للْكفَّار يذكر الْوَعْد للْمُؤْمِنين بجنبه، وَهُوَ ظَاهر فِي أَكثر الْقُرْآن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن بَطش رَبك لشديد﴾ الْبَطْش هُوَ الْأَخْذ بعنف وشده.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد﴾ أَي: يبدئ الْخلق فِي الدُّنْيَا، ثمَّ يعيدهم فِي الْآخِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الغفور الْوَدُود﴾ الغفور هُوَ الستور بذنوب عباده، الْوَدُود هُوَ


الصفحة التالية
Icon