﴿الْوَدُود (١٤) ذُو الْعَرْش الْمجِيد (١٥) فعال لما يُرِيد (١٦) هَل أَتَاك حَدِيث الْجنُود (١٧) فِرْعَوْن وَثَمُود (١٨) ﴾. الْمُحب للْمُؤْمِنين، وَقيل: المتودد إِلَى الْمُؤمنِينَ بجميل أَفعاله وَكثير إحسانه.
وَذكر الْأَزْهَرِي: أَنه يجوز أَن يكون الْوَدُود، بِمَعْنى المودود كالحلوب وَالرُّكُوب بِمَعْنى المحلوب والمركوب، فعلى هَذَا فِي قَوْله: ﴿الْوَدُود﴾ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: أَنه الْمُحب لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ.
وَالْآخر: الَّذِي يُحِبهُ الْمُؤْمِنُونَ.
وَقَوله: ﴿ذُو الْعَرْش الْمجِيد﴾ قَرَأَ أَكثر الْقُرَّاء بِالرَّفْع، وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بالخفض.
وَالْعرش هُوَ السرير فِي اللُّغَة، وَأما فِي الْقُرْآن هُوَ الْعَرْش الْمَعْرُوف فَوق السَّمَوَات.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه لَا يقدر قدره.
وَعَن بَعضهم: ذُو الْعَرْش ذُو الْملك، يُقَال: كل عرش فلَان أَي: ملك فلَان، وَيُقَال: تبوأ فلَان على سَرِير ملكه أَي: اسْتَقر ملكه، وَإِن لم يكن ثمَّ سَرِير فِي ذَلِك الْوَقْت، حَكَاهُ الْقفال، وَالْقَوْل الصَّحِيح الأول.
وَأما قِرَاءَة الرّفْع فَهُوَ صفة الله تَعَالَى، وَذَلِكَ بِمَعْنى الْعُلُوّ وَالْعَظَمَة، وَأما قِرَاءَة الْخَفْض فَفِيهِ أَقْوَال: أَحدهمَا: أَنه صفة الْعَرْش، وَمعنى الْمجِيد فِيهِ العالي الرفيع، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه صفة الله تَعَالَى إِلَّا أَنه خفض بالجوار، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه رَاجع إِلَى قَوْله: ﴿إِن بَطش رَبك﴾ كَأَنَّهُ قَالَ: إِن بَطش رَبك الْمجِيد لشديد، أوردهُ النّحاس.
وَعَن بَعضهم: أَن جَوَاب الْقسم قَوْله: ﴿إِن بَطش رَبك لشديد﴾ وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فعال لما يُرِيد﴾ أَي: مَا يَشَاء ويختار.
وَفِي بعض الْآثَار أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ مرض فَدخل الْقَوْم يعودونه فَقَالُوا لَهُ: أَلا نَدْعُو لَك طَبِيبا؟ فَقَالَ: قد دَعوته.
فَقَالُوا: فَمَاذَا قَالَ؟ قَالَ أَبُو بكر: فَقَالَ أَنا فَاعل لما أُرِيد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَل أَتَاك حَدِيث الْجنُود﴾ أَي قد آتِيك حَدِيث الْجنُود.
وَقَوله: ﴿فِرْعَوْن وَثَمُود﴾ أَي جنود فِرْعَوْن وَثَمُود.
وَذكر النقاش أَن فِرْعَوْن لما أتبع بني إِسْرَائِيل كَانُوا خَمْسَة آلَاف وَخَمْسمِائة ألف.