﴿يَوْم تبلى السرائر (٩) فَمَا لَهُ من قُوَّة وَلَا نَاصِر (١٠) وَالسَّمَاء ذَات الرجع (١١) وَالْأَرْض ذَات الصدع (١٢) إِنَّه لقَوْل فصل (١٣) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُم يكيدون كيدا (١٥) وأكيد كيدا (١٦) ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم تبلى السرائر﴾ أَي: تختبر وتمتحن، وَقيل: تظهر، وَهُوَ الأولى.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه يظْهر سر كل إِنْسَان، ويبدو أَثَره على وَجهه، فتبيض بعض الْوُجُوه، وَتسود بعض الْوُجُوه.
وَقَوله: ﴿فَمَا لَهُ من قُوَّة وَلَا نَاصِر﴾ أَي: قُوَّة يتقوى بهَا، وناصر ينصره، فَيدْفَع بِهِ الْعَذَاب عَن نَفسه.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاء ذَات الرجع﴾ أَي: الْمَطَر، وَهُوَ القَوْل الْمَعْرُوف، وسمى الْمَطَر رجعا؛ لِأَنَّهُ يرجع مرّة بعد أُخْرَى.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم، وَسميت رجعا؛ لِأَنَّهَا تطلع وتغيب، وَترجع من الْمغرب إِلَى الْمشرق.
وَقَوله: ﴿وَالْأَرْض ذَات الصدع﴾ أَي: النَّبَات، وَهُوَ قَول الْجَمِيع، وسمى صدعا؛ لِأَن الأَرْض تنصدع بِهِ.
وَقَوله: ﴿إِنَّه لقَوْل فصل﴾ أَي: ذُو فصل، وَهُوَ الْفَصْل بَين الْحق وَالْبَاطِل.
وَقَوله: ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ أَي: باللعب، والعبث، وَالْمعْنَى: أَنه قَول جد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّهُم يكيدون كيدا﴾ أَي: يمكرون مكرا، والكيد فِي اللُّغَة هُوَ صنع يصل بِهِ إِلَى الشَّيْء على الْخفية والاستتار.
﴿وأكيد كيدا﴾ الكيد من الله هُوَ الاستدراج من حَيْثُ لَا يعلمُونَ الْكفَّار، والاستدراج هُوَ الْأَخْذ قَلِيلا قَلِيلا، وَقيل: هِيَ الْأَخْذ من حَيْثُ يخفى عَلَيْهِم، وَقيل: ﴿وأكيد كيدا﴾ أَي: أعاقبهم عُقُوبَة كيدهم.
وَقَوله: ﴿فمهل الْكَافرين﴾ أَي: أمْهل الْكَافرين، وَهَذَا قبل آيَة السَّيْف.


الصفحة التالية
Icon