﴿إِلَّا مَا شَاءَ الله إِنَّه يعلم الْجَهْر وَمَا يخفى (٧) ونيسرك لليسرى (٨) فَذكر إِن نَفَعت الذكرى (٩) ﴾. يتفلت مِنْهُ، فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿سنقرئك فَلَا تنسى﴾.
وَالْمعْنَى: أَنَّك كفيت النسْيَان، (فَلم ينس) بعد ذَلِك.
وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ يَعْنِي: إِلَّا مَا شَاءَ الله أَن ينساه، وَالْمرَاد مِنْهُ نسخ التِّلَاوَة، وَقيل: النسْيَان هَاهُنَا بِمَعْنى التّرْك، أَي: لَا يتْرك إِلَّا مَا شَاءَ الله أَن يتْرك بالنسخ.
وَعَن بَعضهم: أَن قَوْله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ ذكر مَشِيئَته على التَّعْلِيم حَتَّى يقرن لفظ الْمَشِيئَة بِجَمِيعِ أَقْوَاله مثل قَوْله: ﴿لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله [آمِنين] ﴾ قد قَالَ: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ يَعْنِي: أَن تنسى، وَلم يَشَأْ.
مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ وَلم يَشَأْ، ذكره ابْن فَارس.
وَقَوله: ﴿إِنَّه يعلم الْجَهْر وَمَا يخفى﴾ أَي: السِّرّ والعلن، وَيُقَال: مَا فِي الْقلب، وَمَا على اللِّسَان.
وَقَوله: ﴿ونيسرك لليسرى﴾ الْيُسْرَى فعلى من الْيُسْر، وَمَعْنَاهُ: للأيسر من الْأُمُور.
وَقَوله: ﴿فَذكر إِن نَفَعت الذكرى﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: إِن نَفَعت الذكرى، وَهُوَ مَأْمُور بالتذكير على الْعُمُوم نَفَعت أَو لم تَنْفَع؟
وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن معنى قَوْله: ﴿إِن نَفَعت الذكرى﴾ إِذْ نَفَعت الذكرى، مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وخافون إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ وَمَعْنَاهُ: إِذْ كُنْتُم مُؤمنين.


الصفحة التالية
Icon