﴿الَّتِي لم يخلق مثلهَا فِي الْبِلَاد (٨) وَثَمُود الَّذين جابوا الصخر بالواد (٩) وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد (١٠) الَّذين طغوا فِي الْبِلَاد (١١) فَأَكْثرُوا فِيهَا الْفساد (١٢) فصب عَلَيْهِم رَبك سَوط عَذَاب (١٣) إِن رَبك لبالمرصاد (١٤) ﴾
(مجدا تليدا بناه أَوله | أدْرك عادا وَقَبله إرما) |
وَقَوله: ﴿الَّتِي لم يخلق مثلهَا فِي الْبِلَاد﴾ أَي: لم يخلق مثل (أجسامهم) فِي الْبِلَاد.
وَفِي رِوَايَة أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود: " الَّذين لم يخلق مثلهم فِي الْبِلَاد ".
وَقَوله: ﴿وَثَمُود الَّذين جابوا الصخر بالواد﴾ قطعُوا ونقبوا، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَانُوا ينحتون من الْجبَال بُيُوتًا آمِنين﴾.
وَقَوله: ﴿وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد﴾ يُقَال: كَانَ لَهُ أَرْبَعَة أوتاد، فَإِذا غضب على إِنْسَان وعذبه زند يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ على الأَرْض بِتِلْكَ الْأَوْتَاد.
فِي الْقِصَّة: أَنه عذب امْرَأَته آسِيَة بِمثل هَذَا الْعَذَاب، وَوضع على صدرها صَخْرَة حَتَّى مَاتَت، وَعَن بَعضهم: أَنه كَانَ لَهُ أَربع أساطين، يشد الرجل بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ بهَا.
وَقيل: ذِي الْأَوْتَاد أَي: ذِي الْملك الشَّديد، قَالَ الشَّاعِر:
(فِي ظلّ ملك ثَابت الْأَوْتَاد... )
وَقَوله: ﴿الَّذين طغوا فِي الْبِلَاد﴾ أَي: جاوزوا الْحَد بِالْمَعَاصِي، وَيُقَال: تَمَادَوْا فِيهَا.
وَقَوله: ﴿فَأَكْثرُوا فِيهَا الْفساد فصب عَلَيْهِم رَبك سَوط عَذَاب﴾ أَي: عذبهم وَقيل: إِنَّه جعل عَذَابهمْ مَوضِع السَّوْط فِي الْعُقُوبَات، وَعَن بَعضهم: أَنهم كَانُوا يعدون الضَّرْب بالسياط إِلَى أَن يَمُوت أَشد الْعَذَاب، فَذكر الْعَذَاب بِذكر السَّوْط هَاهُنَا، على معنى أَنه بلغ النِّهَايَة فِي عَذَابهمْ.
وَقَوله: ﴿إِن رَبك لبالمرصاد﴾ أَي: إِلَيْهِ مرجع الْخلق ومصيرهم، وَالْمعْنَى: أَنه
الصفحة التالية