﴿لقد خلقنَا الْإِنْسَان فِي كبد (٤) أيحسب أَن لن يقدر عَلَيْهِ أحد (٥) يَقُول أهلكت مَالا لبدا (٦) أيحسب أَن لم يره أحد (٧) ﴾ يَمُوت، ثمَّ بعد ذَلِك مَا يعود إِلَى أهوال الْقَبْر وأهوال الْقِيَامَة، إِلَى أَن يسْتَقرّ فِي إِحْدَى المنزلتين.
وَقَالَ لبيد فِي الكبد.
﴿يَا عين هلا بَكَيْت أَرْبَد إِذْ | قمنا وَقَامَ الْخُصُوم فِي كبد﴾ |
وَقَالَ إِبْرَاهِيم وَمُجاهد وَعبد الله بن شَدَّاد: فِي كبد أَي: فِي انتصاب، وَالْمعْنَى: أَنه خلق منتصبا فِي بطن أمه، غير منْكب على وَجهه بِخِلَاف سَائِر الْحَيَوَانَات.
وَفِي تَفْسِير النقاش: أَن الله تَعَالَى وكل ملكا بِالْوَلَدِ فِي بطن الْأُم فَإِذا قَامَت الْمَرْأَة، أَو اضطجعت رفع رَأس الْوَلَد؛ لِئَلَّا يغرق فِي الدَّم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أيحسب الْإِنْسَان أَن لن يقدر عَلَيْهِ أحد﴾ نزلت الْآيَة فِي [أبي] الأشدين، فَكَانَ رجلا من بني جمح من أقوى قُرَيْش وأشدهم، وَكَانَ يبسط لَهُ الْأَدِيم العكاظي، فَيقوم عَلَيْهِ، ويجتمع الْقَوْم على الْأَدِيم، فيجذبونه من تَحت قدمه فَيَنْقَطِع وَلَا تَزُول قدمه، وَكَانَ شَدِيدا فِي عَدَاوَة النَّبِي، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة فِيهِ.
وَمَعْنَاهُ: أيظن أَن لن يقدر عَلَيْهِ الله، وَقَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ مغترا بقوته وشدته.
وَقَوله: ﴿يَقُول أهلكت مَالا لبدا﴾ أَي: أنفقت مَالا كثيرا فِي عَدَاوَة مُحَمَّد، و " لبدا " أَي: بعضه على بعض.
قَالَ الْكَلْبِيّ: (وَكَانَ يكذب فِي ذَلِك،
فَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿أيحسب أَن لم يره أحد﴾ أيحسب أَن الله لم ير مَا أنفقهُ، وَيُقَال: أيحسب أَن لم يطلع الله على فعله فيكذب، وَلَا يعلم الله كذبه.
قَالَ معمر: قُرِئت هَذِه الْآيَة عِنْد قَتَادَة، فَقَالَ: أيحسب أَن لن يسْأَله الله تَعَالَى من أَيْن جمعه، وَأَيْنَ أنفقهُ؟.
وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " يُؤْتى بِالْعَبدِ يَوْم