﴿فَلَا اقتحم الْعقبَة (١١) وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة (١٢) فك رَقَبَة (١٣) ﴾
وَقَوله: ﴿فَلَا اقتحم الْعقبَة﴾ أَي: فَهَلا أنْفق مَاله الَّذِي أنفقهُ فِي عَدَاوَة مُحَمَّد فِي اقتحام الْعقبَة، وَيُقَال: ﴿فَلَا اقتحم الْعقبَة﴾ أَي: لم يقتحم الْعقبَة، وَمَعْنَاهُ: لم يجاوزها، وَقيل: إِن الْعقبَة جبل فِي النَّار، وَيُقَال: هبوط وصعود، مصعد سَبْعَة آلَاف سنة، ومهبط ألف سنة.
وَقيل: مصعد ألف عَام، وفيهَا غِيَاض ممتلئة من الأفاعي والحيات والعقارب.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي الْعقبَة: إِنَّهَا مجاهدة النَّفس والهوى والشيطان.
فعلى هَذَا ذكر الْعقبَة تَمْثِيل؛ لِأَن الْعقبَة يشق صعدوها، كَذَلِك الْإِنْسَان يشق عَلَيْهِ مجاهدة النَّفس والشيطان.
وَقَوله: ﴿وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة﴾ أَي: فَمَا أَدْرَاك (مَا تجَاوز بهَا) الْعقبَة، ثمَّ فسر فَقَالَ: ﴿فك رَقَبَة﴾ وَفك الرَّقَبَة إعْتَاقهَا.
وروى عقبَة بن عَامر: أَن النَّبِي قَالَ: " من أعتق رَقَبَة، كَانَت فكاكه من النَّار ".
وَمن الْمَعْرُوف أَن رجلا أَتَى النَّبِي فَقَالَ: " يَا رَسُول الله، عَلمنِي عملا يدخلني الْجنَّة، فَقَالَ: لَئِن أقصرت الْخطْبَة فقد أَعرَضت فِي الْمَسْأَلَة، أعتق النَّسمَة، وَفك الرَّقَبَة، فَقَالَ: أوليسا وَاحِدًا يَا رَسُول؟ قَالَ: لَا، عتق النَّسمَة أَن تنفرد بِعتْقِهَا، وَفك الرَّقَبَة أَن تعين فِي ثمنهَا، وَعَلَيْك بالفيء على ذِي الرَّحِم الظَّالِم، فَإِن لم يكن ذَلِك، فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وَأمر بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنه