﴿كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة إِذْ أَقْسمُوا ليصرمنها مصبحين (١٧) وَلَا يستثنون (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون (١٩) ﴾ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كسنى يُوسُف؛ فَأَصَابَهُمْ الْجُوع حَتَّى أكلُوا العلهز وَالْعِظَام الْمُحْتَرِقَة ".
وَقَوله: ﴿كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة﴾ فِي أَكثر التفاسير أَن هَذَا رجل شيخ بِالْيمن كَانَ لَهُ بنُون، وَله بُسْتَان يتَصَدَّق مِنْهُ على الْمَسَاكِين، وَينْفق مِنْهُ على نَفسه وَأَوْلَاده.
وَيُقَال: كَانَ يتَصَدَّق بِالثُّلثِ، وَينْفق على نَفسه وَأَوْلَاده الثُّلُث، وَيرد الثُّلُث فِي عمَارَة الْجنَّة، فَلَمَّا مَاتَ الشَّيْخ قَالَ بنوه: الْعِيَال كثير، والدخل قَلِيل وَلَا يَفِي بِإِعْطَاء الْمَسَاكِين، فتوافقوا على أَن يذهبوا إِلَى الْبُسْتَان حِين يُصْبِحُونَ على سدفة من اللَّيْل، فيصرموا ويقطعوا قبل أَن يعلم الْمَسَاكِين.
وَكَانَ الْمَسَاكِين قد اعتادوا الْحُضُور عِنْد الْجذاذ والصرام؛ فحين اتَّفقُوا على ذَلِك أرسل الله تَعَالَى نَارا من السَّمَاء فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَاحْتَرَقَ الْبُسْتَان وَالْأَشْجَار، وَيُقَال: إِن هَذَا الرجل هُوَ رجل من ثَقِيف.
وَقَوله: ﴿إِذا أَقْسمُوا﴾ أَي: حلفوا.
وَقَوله: ﴿ليصرمنها مصبحين﴾ أَي: يقطعون فِي الْوَقْت الَّذِي قُلْنَا.
وَقَوله: ﴿وَلَا يستثنون﴾ أَي: لم يَقُولُوا: إِن شَاءَ الله.
وَقَوله: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك﴾ أَي: طرق طَارق من الْعَذَاب، وَهِي النَّار الَّتِي أرسلها الله تَعَالَى.
وَالْعرب لَا تسْتَعْمل الطَّائِف إِلَّا فِي الْعَذَاب.
وَفِي بعض التفاسير: أَن الله تَعَالَى أَمر ملكا حَتَّى اقتلع تِلْكَ الْجنَّة بأشجارها وغروسها فوضعها فِي مَوضِع الطَّائِف الْيَوْم.
وَقَوله: ﴿وهم نائمون﴾ ذكرنَا.


الصفحة التالية
Icon